فخذك، جاء الثاني يركض وجلس على فخذك الثانية وكأن هذه مطالبة واحتجاج، وكأنه يقول: لماذا تفعل؟ ويأخذ حقه بالقوة.
فعلى كل حال: الواجب على الإنسان أن يعدل بين أولاده.
كذلك من العدل: أن يعدل مع نفسه في معاملة غيره، فلا يريد من الناس أن يعطوه حقه كاملًا وهو يبخس الناس، وقد قال الله: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢)} [المطففين: ١ - ٢] يعني: يأخذون حقهم وافيًا، {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣)} [المطففين: ٣] يعطون الحق الذي عليهم ناقصًا، وهذا ليس من العدل، بل العدل أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، ولهذا شدد النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه المسألة وقال:"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"(١) وهذه هي آداب الإسلام العظيمة.
٨ - التعبير بالعدل دون المساواة، والغريب أن كثيرًا من الناس العصريين تجدهم شغوفين في التعبير بالمساواة دون العدل، بل قد لا تكاد تجد أحدًا منهم يقول: الدين الإسلامي دين العدل، بل يقول: الدين الإسلام دين المساواة، ولا أدري - والله أعلم - لماذا استخدمت هذه الكلمة "المساواة"، هل هي واردة علينا من الخارج؟ لأنك إذا قلت: المساواة دون العدل قالت الأنثى: أنا لا بد أن أعامل كما يعامل الرجل، وقال الرجل
(١) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، حديث رقم (١٣)؛ ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير، حديث رقم (٤٥)، من حديث أنس بن مالك.