والظباء كانت موجودة في الجزيرة بكثرة، فكانت تأتي المجموعة من الظباء - يشاهدها الصيادون - يقودها واحد وهي تمشي خلفه، والصيادون عندهم حكمة في الصيد، فكانوا يصيبون القائد، فإذا أصابوه تشتت الجمع، هكذا يقولون لنا: اضرب القائد تدرك التابع.
فأقول: كل جمع لا بد له من قائد ولا بد من أمير، حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر المسافرين إذا سافروا وكانوا ثلاثة أن يؤمروا أحدهم (١) حتى يكون لهم رأي.
وكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر المسافرين أن يؤمروا واحدًا منهم لا يدل على أنه يجوز للطوائف أن تؤمِّر واحدًا منها في داخل البلد التي فيه سلطة الإمرة، لكن في السفر ليس عندهم أحد يرجعون إليه، فلا بد من أن يؤمِّروا واحدًا منهم بدون مبايعة، فإذا رأوا صاحب رأي منهم فيرجعون إليه في الإستشارة، لا في توجيه الأوامر.
١٠ - وجوب رد الأمور المتنازع فيها إلى الله ورسوله؛ لقوله:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ}.
١١ - تحريم رد المسائل المتنازع فيها إلى القوانين الوضعية، أو تحكيم أهل الكفر والإلحاد، لقوله:{إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}.
١٢ - تحريم التقليد مع وضوح الدليل، لقوله:{فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}، وإنما قلنا: مع وضوح الدليل؛ لأن التقليد يجوز للضرورة إذا لم يعلم الإنسان، لقوله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣]، ولم يأمر سبحانه بسؤال أهل
(١) رواه أبو داود، كتاب الجهاد، باب في القوم يسافرون يؤمرون أحدهم (٢٦٠٨) عن أبي سعيد الخدري.