الذكر إلا للرجوع إلى ما يقولون، وإلا لم يكن هناك فائدة من سؤال أهل الذكر.
١٣ - أن الرد إلى الله والرسول من مقتضيات الإيمان، لقوله:{إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}.
١٤ - أن من ادعى الإيمان بالله واليوم الآخر ولكنه لا يرد مسائل النزاع إلى الله ورسوله فإنه كاذب؛ لأن قوله:{إِنْ كُنْتُمْ} بمنزلة التحدي، فيكون كاذبًا فيما يدعي، وقد قال الله تبارك وتعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥]، انظر القسم المؤكد في قوله:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} فهذا القسم مؤكد بـ {لَا} التي هي للتنبيه، {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} هذه المرتبة الأولى وهي تحكيم الرسول عليه الصلاة والسلام، فإن حكموا غيرك فليسوا بمؤمنين.
ثانيًا:{ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} أي: ضيقًا، حتى المحكوم عليه إذا وجد في نفسه حرجًا وضيقًا فليس بمؤمن، فهذه المرتبة الثانية وهي: انتفاء الحرج والضيق، يعني: يجب أن ينشرح صدره لما يحكم به الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
المرتبة الثالثة:{وَيُسَلِّمُوا} أي: ينقادوا، {تَسْلِيمًا} وهذا المصدر مؤكد؛ أي: يسلموا إذا انقادوا انقيادا تامًا لما يحكم به الرسول عليه الصلاة والسلام، فنفى الخلاف الباطن والخلاف الظاهر.
والخلاف الباطن: أن يكون في صدرك ضيق وحرج، والظاهر: ألا تسلم التسليم التام، بل تماطل، ولا يكون أمرك أمر استسلام.