للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمثلًا: قول جابر - رضي الله عنه - في الشفعة: "قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة" (١) إذا نظرنا إلى أول الحديث: "قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم"، قلنا: الشفعة في كل شيء لم يقسم، فلو بعت سيارة بينك وبين زيد على عمرو فلزيد الشفعة؛ لأن السيارة لم تقسم، وهي داخلة في قوله: "في كل ما لم يقسم"، فهذه السيارة التي بينك وبين زيد وبعت نصيبك منها على عمرو، لزيد الحق في أن يأخذ هذا الذي بعت على عمرو ويضمه إلى نصيبه، ولذلك سميت شفعة؛ لأنه يشفع نصيبه بنصيب شريكه.

وقوله: "إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق" يقتضي أن يكون المراد بما لم يقسم الأرض؛ لأنها هي التي يكون فيها الحدود وهي التي تصرف فيها الطرق، ولهذا اختلف العلماء هل الشفعة في كل شيء حتى في المنقولات، أو هي في العقار فقط؟ والصحيح: العموم؛ لأن عطف المعنى على بعض أفراد العموم لا يقتضي التخصيص.

مثال آخر: قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: ٢٢٨] الآية الكريمة تفيد في أولها أن جميع المطلقات ولو البوائن يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، يعني: ثلاث حيض تعتدها المرأة إذا طلقت، لكن قوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ} تقتضي أن يكون المراد بالمطلقات الرجعيات دون البوائن، فهل


(١) رواه البخاري كتاب، باب بيع الأرض والدور والعروض مشاعًا غير مقسوم، حديث رقم (٢١٠٠) عن جابر بن عبد الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>