الكتَّان، وهو غليظ، كل هذا يدل على أن الخشية أعظم وأشد.
قوله:{وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ} سبحان الله! بالأمس يطلبونه والآن يعترضون عليه؟ ! وهذا يدل على ضعف الإنسان مهما بلغ في المنزلة.
وقوله:{لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ} الإستفهام هنا إما للتعجب - وهو أليق بحال الصحابة - وإما للإنكار، وهو بعيد بالنسبة لحال الصحابة رضي الله عنهم.
قوله:{لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}{لَوْلَا} بمعنى: هلّا، فهي للتحضيض، وقوله:{أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} ولم يقولوا: إلى أجل بعيد؛ لأن الدنيا كلها قريبة، فمهما طالت بالإنسان الحياة فإنها قريبة، وهذا يدل على جبن وخور؛ لأنه لا يلزم من فرض القتال أن يموتوا، وكم من إنسان قاتل وجالد وخاض الغمار وقطع صفوف الأعداء ولم يُقتل، ومنهم خالد بن الوليد - رضي الله عنه -، فكم قاتل؟ ! وكم حارب؟ ثم مات على فراشه، وقال:"ها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء"(١)، فيقال: لا يلزم من القتال أن يُقتل الإنسان، بل إذا فرض عليه الجهاد وجاهد فقد ينجو.
وقوله:{لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} هنا يحتمل أن يكون قوله: {قَرِيبٍ} من كلامهم، وأنهم لا يريدون امتداد العمر الطويل؛ لأنهم يعرفون أن الدنيا كلها قريبة.
ويحتمل أن كلامهم انقطع إلى قوله:{إِلَى أَجَلٍ} ولكن الله بين أن الأجل مهما كان فهو قريب.