للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن العلماء من يقول: هي واجبة على العاقلة بالأصالة، وعلى هذا فلا يلزم القاتل شيء حتى وإن كان من أغنى الناس والعاقلة فقراء؛ لأنها واجبة على العاقلة.

والظاهر لي: أن نقول بالقول الوسط: إذا كان عند العاقلة قدرة ألزمناها، بمعنى: أن العاقلة إذا كانت ذات غنى واسع فإننا نلزمها, لما في ذلك من التعاون وإشعار القرابة بأن بعضهم لبعض ظهير، وأما إذا كانت العاقلة لا يستطيعون تحمل الدية إلا بكلفة ومشقة وفقد بعض الحوائج والقاتل غني فإننا نلزمه؛ لأنه هو الأصل.

ووجوب الدية على العاقلة، لا يعكر عليه قول الله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)} [النجم: ٣٩] وقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤].

لأن هذا من باب التعاون؛ لأن الخطأ يقع كثيرًا، فكان من رحمة الله عزّ وجل أن يحمل هؤلاء كما يحملون في النفقة.

فإن قال قائل: ما هي الدية؟

قلنا: قد بينتها السنة: بأنها مائة من الإبل للذكر الحر، وخمسون من الإبل للأنثى الحرة، وهذا هو القول الصحيح: أن الإبل هي الأصل في الدية، وأما البقر والغنم والذهب والفضة والحلل فإنها قيم، وإلا فالأصل هو الإبل.

١٥ - يؤخذ من قوله: {إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا}، وهو مستثنى من قوله: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}، أن العفو عن الدية من الصدقة، وذلك أن الصدقة إما إعطاء وإما إبراء، فالإعطاء ظاهر، والإبراء هو: أن يبرئ الإنسان شخصًا مدينًا من الدين ويسقطه عنه، لكن هذا لا يجزئ في الزكاة عن زكاة العين، يعني: لو كان على إنسان

<<  <  ج: ص:  >  >>