للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زكاة، وكان له دين على فقير، فأبرأ الفقير من الدين واحتسبه من الزكاة فإن ذلك لا يجزئ؛ أي: لا يجزئ الدين عن زكاة العين.

١٦ - جواز العفو عن الجاني، ولكن هذا مقيد بما إذا كان في العفو إصلاح، لقول الله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: ٤٠]، فإن لم يكن فيه إصلاح فترك العفو أولى، بل قد يجب الأخذ بالحق وترك العفو؛ لأن الإصلاح أهم من المصلحة الخاصة، فالعفو عن الدية مصلحة خاصة، لكن الإصلاح مصلحة عامة، فإذا كان هذا الذي قتل خطأً رجلًا متهورًا لو عفونا عنه لذهب يقتل مرة أخرى، وثالثة ورابعة، فإن العفو عن هذا ليس من الإصلاح؛ وعليه فلا ينبغي العفو.

١٧ - أن قتل المعاهد حرام، ووجه الدلالة: أن الله أوجب في قتل من بيننا وبينهم ميثاق الدية والكفارة.

١٨ - أن دية الكافر المعاهد ليست كدية المسلم؛ لأنه قال: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ} وهذه نكرة، وإعادة الكلمة بلفظ النكرة تدل على أن الثاني غير الأول، كما في قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦)} [الشرح: ٥ - ٦]، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لن يغلب عسر يسرين" (١)، ولو كانت دية المعاهد كدية المؤمن لقال: فالدية مسلمة إلى أهله، فالدية، يعني: التي سبقت، ولكن هذه دية أخرى.


(١) أخرجه الحاكم (٢/ ٥٢٨) عن الحسن البصري مرسلًا في قوله تعالى: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - مسرورًا فرحًا يضحك وهو يقول: "لن يغلب عسر يسرين"، وأخرجه مالك في الموطأ (٢/ ٤٤٦)؛ وابن أبي شيبة (٥/ ٣٣٥)، (١٣/ ٣٠٨)؛ والبيهقي في شعب الإيمان (٧/ ٥٠٢ - ٢٠٦)؛ والحاكم (٢/ ٣٠١) موقوفًا على ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>