للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخرين شعرة، والأولون أقرب إلى البلد، لصار الأولون غير مسافرين، والذين بينهم وبينهم شعرة مسافرين، وهذا صعب أن يحقق الإنسان مثل هذا، ويجعله حدًا للناس.

فعلى كل حال: الذي نرى أن المرجع في هذا إلى العرف، وأن نطلق ما أطلقه الله، ومن المعلوم أن العرف يختلف، فلو أن قومًا خرجوا في رحلة فتغدوا في البر ثم رجعوا فإن هذا لا يُسمى سفرًا ولا ضربًا في الأرض، ولو خرجوا في هذه المسافة في رحلة لكنهم أقاموا يومين أو ثلاثة لعد ذلك سفرًا؛ لأن الناس يتأهبون له، وإن كان في العرف الآن لا يعدون النزهة سفرًا حتى لو بعدت، وحتى لو بقيت أيامًا، لكن هذا لا عبرة به، فكل ما يحمل له الزاد ويستعد له فإنه سفر.

فإن قال قائل: الآن توجد فنادق، وتوجد سيارات وطيارات، ولا يحتاج الإنسان أن يحمل متاعًا.

قلنا: هذا لا عبرة به، العبرة بنفس المسافة والطريق الذي إذا أراده الإنسان استعد له، أما كون المتاع والزاد تسهل بالأماكن فهذا لا يمنع أن يكون سفرًا.

٤ - أن الإنسان إذا أقام في سفره في مكان فإنه لا يلزمه الإتمام، بل يبقى قاصرًا؛ لأن الله قال: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} ولم يقل: ما لم تمكثوا أربعة أيام أو عشرة أيام أو ما أشبه ذلك.

وبناءً على هذا لو أن إنسانًا سافر إلى بلد غير بلده وأقام فيها شهرًا فهو مسافر؛ وذلك لأن النصوص جاءت مطلقة غير مقيدة، وجاءت نصوص أخرى إيجابية تدل على عدم التقييد، ومن ذلك:

<<  <  ج: ص:  >  >>