للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقال: أسلموا ثم صلوا، ولهذا لو صلى إنسان وهو باقٍ على كفره لم تقبل منه.

فإن قال قائل: هل في هذه الآية دليل على من قال: إن الكفار لا يخاطبون بفروع الإسلام؟

نقول: نعم، استدلوا بها، لكن استدلالهم لا يتعين، لقوله تعالى في سورة المدثر: {إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢)} يعني: أي شيء أدخلكم النار؟ {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣)} [المدثر: ٤٠ - ٤٣]، فدل هذا على أن الكفار مخاطبون بفروع الإسلام وهذا هو الحق، لكنهم لا يلزمون بها على كفرهم بل يقال: أسلموا ثم صلوا.

٨ - أن الصلاة موقتة، لقوله: {مَوْقُوتًا} وهذا مما يوجب أن يجتمع الناس عليها؛ لأنها لو كانت غير موقتة لاختلف الناس، فهذا يصلي في الصباح، وهذا في الظهر، وهذا في العصر، ويصلون سبع عشرة ركعة في أي وقت شاءوا، لكن من أجل أن يكون الناس متحدين في وقت واحد حددت الأوقات، وهذه الآية مطلقة لم يبين فيها الوقت، لكن بينته السنة تفصيلًا، وبينه القرآن بنوع من الإجمال في موضع آخر مثل قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} [الإسراء: ٧٨]، فإن هذه الآية انتظمت أوقات الصلوات الخمس، {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} قال بعض النحويين: إن اللام في قوله: {لِدُلُوكِ} بمعنى: "من"، بدليل الغاية، فيكون معنى الآية: من دلوك الشمس إلى غسق الليل، ودلوك الشمس هو زوالها، وغسق الليل شدة ظلامه، وأشد ما يكون الليل ظلامًا في منتصف

<<  <  ج: ص:  >  >>