فنقول: لأن الفعل كمال، ولو قلنا: إنه يأتي أو يمر عليه زمن لم يكن فاعلًا لكان هذا نقصًا في الله عزّ وجل؛ لأننا إذا قلنا: أتى عليه زمن لم يكن فاعلًا فهذا لأنه غير قادر، فإن قلت: إنه غير قادر فهذا أمر مشكل، وإن قلت: إنه قادر، قلنا: هات الدليل على التحديد؛ لأن تحديد ما لم يقم عليه دليل يعتبر تحكمًا، فمن أي وقت صار الفعل ممكنًا في حقه؟ فلذلك نقول: إن صفات الأفعال أصلها ذاتي؛ لأن الله لم يزل ولا يزال فعالًا، أما أنواعها وآحادها فهي فعلية؛ لأنها تتعلق بمشيئته تبارك وتعالى.
وأما عند أهل التعطيل كالأشاعرة والمعتزلة والجهمية وأشباههم فيقولون: إن الله ليس له رضًا، لكنهم لا ينكرونه إنكار جحود، بل إنكار تأويل؛ لأن نفي الإنكار تكذيب للقرآن، ومكذب القرآن كافر، أما إذا قالوا: نعم، لله رضًا، لكن المراد بالرضا كذا، فهذا يسمى إنكار تأويل، ولا يكفرون بذلك إلا إذا كانت عندهم بدع كبيرة تكفر، فهذا شيء آخر.
وبماذا يفسرون الرضا؟ يقولون: الرضا هو: الإثابة، فيقال: إن الإثابة ليست هي الرضا؛ لأن الإثابة فعل منفصل بائن عن الله عزّ وجل، فيثيب هؤلاء الذين يرضى عنهم بشيء منفصل بائن عن الله، بالجنة ونعيمها، وبالحياة الطيبة في الدنيا، وما أشبه هذا.
إذًا: تفسيره بالإثابة غلط، ونقول: إذا فسرتموه بالإثابة لزم من ذلك ثبوت الرضا، إذ لا يمكن أن يثيب إلا من رضي عنه، ولا يثيب من غضب عليه أبدًا، بل يثيب من رضي عنه، ولهذا