غير وارثين، بل إن ظاهرها أنهم إذا كانوا غير وارثين فليس للأم إلا السدس؛ لأن الفاء مفرَّعة لما بعدها على ما قبلها.
فإن قال قائل: كيف تجعلون للأم السدس مع وجود إخوة محجوبين بالأب؟ ألستم تقولون: لو وجدت أم وإخوة أرقاء؛ فإن الإخوة لا يحجبون الأم إلى السدس، أو وجدت أم وإخوة كفرة؛ فإنهم لا يحجبون الأم إلى السدس، يعني: لو هلك هالك عن أمه وإخوته الذين لا يصلُّون، فإن لأمه الثلث، ولا يحجبها الإخوة الذين لا يصلُّون إلى السدس؛ لأنهم كفار لا يرثون؟
فالجواب: أن هؤلاء محجوبون بوصف، فهم ليسوا من أهل الإرث أصلًا، وأما الإخوة الذين حجبوا بالأب فهم من أهل الإرث، لكن وجد مانع، وفرق بين وجود المانع وبين فوات الشرط، فالإخوة مع اختلاف الدين أو كونهم أرقاء، ليسوا أهلًا للميراث أصلًا؛ لأن من شرط استحقاقهم الإرث أن يكونوا موافقين للإنسان الميت في دينه، وأن يكونوا أحرارًا، لكن هؤلاء الإخوة مع الأب هم مستحقون للإرث، فهم أحرار، موافقون في الدين، لكن وجد مانع وهو الأب، فهذا هو الفرق بين كون المحجوب بالوصف وجوده كعدمه، والمحجوب بالشخص وجوده معتبر.
١٢ - أن الميراث يأتي في المرتبة الثالثة مما تركه الميت، لقوله:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}، ولكن قد دلت السنة على أن تجهيز الميت مقدم على كل ذلك، وعلى هذا يكون الميراث في المرتبة الرابعة، ودليل السنّة: أن رجلًا وقصته راحلته وهو واقف بعرفة، فسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه فقال: "اغسلوه بماء