للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمدًا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية" (١) هذا دليل.

وابن عباس رضي الله عنهما كما يقول شيخ الإِسلام: إنه لم يقل إن محمدًا رأى ربه بعينه، حتى نقول إن قوله معارض لقول عائشة، وإنما الرؤية التي أثبتها ابن عباس رضي الله عنهما هي رؤية القلب التي قويت حتى صار كالمشاهد، وهذا الأقرب من ابن عباس؛ لأن ابن عباس رضي الله عنهما أفقه من أن يظن أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يرى الله عزّ وجل في الدنيا.

والخلاصة: أن هذه الآية فيها إشارة إلى أنه لا يمكن رؤية الله في الدنيا، والآية الأخرى التي في سورة الأعراف صريحة.

ورؤية الله في المنام لا تسمى رؤية عين، ونحن كلامنا في رؤية العين، وإلا فقد قال الرسول عليه الصلاة السلام: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (٢) وحقيقةً: أن الإنسان أحيانًا يصل إلى درجة كأنما يشاهد الله عزّ وجل، لكن ليس هذا مرادنا، إنما مرادنا أنه رؤي بالعين يقظة، كما ذكرت آنفًا، أما أنه من قوة اليقين كأنه يشاهده فهي رؤية من حيث اليقين؛ لأن الإنسان إذا رأى شيئًا تيقن، فإذا رآه بقلبه ووصل إلى هذا الحد صار كما قال الرسول: "أن تعبد الله كأنك تراه" (٣).


(١) رواه البخاري، كتاب التفسير، باب تفسير والنجم، حديث رقم (٤٥٧٤)؛ ومسلم، كتاب الإيمان, باب معنى قول الله عزّ وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)} وهل رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه ليلة الإسراء، حديث رقم (١٧٧).
(٢) تقدم (١/ ٤٣١) من حديث جبريل.
(٣) تقدم (١/ ٤٣١) من حديث جبريل.

<<  <  ج: ص:  >  >>