يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: ٩٤] فماذا كان موقف الصحابة من هذه الآية؟
الجواب: تجنبوا وامتثلوا الأمر، تجنبوا ذلك مع أنه سهل عليهم، فهذه الأمة أمة: سمعنا وأطعنا والحمد لله، جعلنا الله منهم.
٨ - أن من تحيل على محارم الله من هذه الأمة ففيه شبه من اليهود، وأي إنسان يتحيل على محارم الله فإن فيه شبهًا من اليهود، سواء كان في البيع أو في الشراء، أو فيما أحل الله من الطعام وحرم، أو في النكاح، ولهذا سمى النبي - صلى الله عليه وسلم - المحلل التيس المستعار (١).
٩ - أن الله جل وعلا لم يعذب عباده إلا بعد أن قامت عليهم الحجة، لقوله:{وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} عهدًا قويًا بينه وبين الخلق، ثم ينقضون عهده، فإن الله تعالى يقول:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء: ١٥].
١٠ - إثبات الأسباب الشرعية، وكذلك إثبات الأسباب القدرية من باب أولى، لقوله:{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} والباء للسببية، وإثبات الأسباب المؤثرة في مسبباتها من مقتضى حكمة الله عزّ وجل؛ لأن الشيء لو وقع صدفة هكذا لكان سفهًا، لكن إذا وقع الشيءُ مربوطًا بسببه دل ذلك على الحكمة والإتقان، والإنسان الذي يفعل الشيء اعتباطًا بدون سبب موجب له لا يعد حكيمًا، لكن الذي يفعل الشيء بأسبابه والمؤثرات فيه هذا هو الحكيم، والله عزّ وجل قد ربط المسببات بالأسباب، ولكن يجب أن نعلم أنه لقصورنا ونقصنا قد نعلم السبب وقد لا نعلمه، إذًا: فيه إثبات الأسباب.
(١) رواه ابن ماجه، كتاب النكاح، باب المحلل والمحلل له (١٩٣٦) عن عقبة بن عامر.