للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: أن الذي في الحديث أن المهاجر ممنوع أن يقيم بمكة أكثر من ثلاث بعد قضاء الحج، وليس في هذا الحديث ما يدل على أن هذه المدة فَرْق بين المسافر والمقيم.

قال ابن حزم (١): ليس في هذا الْخَبَرِ نَصٌّ وَلَا إشَارَةٌ إلَى المدَّةِ التي إذَا أَقَامَهَا المسَافِرُ أَتَمَّ وَإِنَّمَا هو في حُكْمِ المهَاجِرِ فما الذي أَوْجَبَ أَنْ يُقَاسَ المسَافِرُ يُقِيمُ، على المهَاجِرِ يُقِيمُ؟!

الثاني: ما رواه البخاري عن ابن عباس: «أَقَامَ النَّبِيُّ تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ». فعُلم أن هذا التحديد لا يتعلق بالقصر ولا بتحديد مدة السفر.

• القول الثاني: ذهب أبو حنيفة إلى أن المسافر إذا نوى إقامة خمسة عشر يومًا في مكان يصلح للإقامة، فإنه يصير مقيمًا (٢).

واستدلوا لذلك بحديث ابن عباس «أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ خَمْسَ عَشْرَةَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ (٣)».

واعترض عليه بأنه حديث ضعيف.

• القول الثالث: أن من أقام تسعة عشر يقصر، ومن زاد عن هذا الحد أتم.

ودليل ذلك ما رواه البخاري (٤) من حديث ابن عباس «أَقَامَ النَّبِيُّ تِسْعَةَ

عَشَرَ يَقْصُرُ، فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا، وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا».


(١) «المحلى» (٣/ ٢١٩).
(٢) «الحجة على أهل المدينة» (١/ ١٧٢)، «تحفة الفقهاء» (١/ ١٥٠).
(٣) شاذ: ومدار هذا الحديث على الزهري، أخرجه أبو داود (١٢٣١)، وابن ماجه (١٠٧٦)، وغيرهما عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس به، وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (٣/ ١٥١) من طريق عبد الله بن إدريس عن الزهري مرسلًا، وقال: هذا هو الصحيح مرسل، قال: ورواه أيضًا عبدة بن سليمان و أحمد بن خالد وسلمة بن الفضل، لم يذكروا فيه ابن عباس إلا محمد بن سلمة.
وأخرجه النسائي «الكبرى» (١/ ٥٨٧)، وغيره عن عراك بن مالك عن عبيد الله عن ابن عباس به، وقال البيهقي: رواه عراك بن مالك عن النبي مرسلًا، قلت: ورجح هذه الرواية المرسلة، وقد حكم الحافظ ابن حجر على هذه الرواية بالشذوذ، كما في «التلخيص» (٢/ ٤٦).
(٤) البخاري (١٠٨٠).

<<  <   >  >>