للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصوم الست من شوال؛ لقوله تعالى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ [البقرة: ١٤٨]. وقال الله ﷿ في الحديث القدسى: «وَمَا تَقَرَّبَ إلى عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلى مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ».

ولكن إذا كان يشق عليه القضاء، مع صوم ستة أيام من شوال، وأراد أن لا يفوته الأجر والمثوبة، فله أن يصوم الستة أيام من شوال، ثم يقضى ما عليه بعد ذلك فله ذلك والله أعلم، لأن قضاء رمضان وقته موسع وصيام الستة الوقت فيها محدود، وهذا كثيرًا ما يحدث للنساء فيكون عليهن قضاء سبعة أيام أو ثمانية من رمضان، وتريد ألا تُحرم الأجر، وترى المشقة في القضاء مع التطوع، فنقول: صومى التطوع، ثم عجِّلى بصيام القضاء، أما إذا لم يكن هناك مشقة، فيبدأ بالقضاء، ثم التطوع، والله أعلم بالصواب.

• المبحث الخامس: صوم عشر ذى الحجة (١): وفيه مسائل:

• الأولى: أفضلية العمل الصالح في العشر الأُول:

وردت بعض العمومات التى تدل على أفضلية العمل الصالح في العشر الأُول من ذى الحجة، ويدخل فيها الصيام، قال تعالى: ﴿وَالْفَجْرِ ١ وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ [الفجر: ١، ٢].

قال النووي: المراد بالعشر: الأيام التسعة من أول ذي الحجة (٢) وأقسم الله بها لعظمها.

روى البخاري (٣) عن ابن عباس ﴿قال: قال رسول الله : «مَا الْعَمَلُ في أَيَّامٍ


(١) المراد بالعشر هنا: الأيام التسعة من أول ذى الحجة.
(٢) «شرح مسلم» (٣/ ٢٥١).
(٣) رواه البخاري، ووقع في بعض نسخ البخاري بلفظ (مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ أَفْضَلَ مِنْ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ ..... ) الحديث، ومعنى الحديث، كما فسره بعض شراح البخاري، كأنه يشير إلى فضل أيام التشريق، وأن العمل في العشر الأول من ذي الحجة ليس أفضل من العمل في أيام التشريق ولذلك بوب البخاري: باب: فضل العمل في أيام التشريق.
قلت: وهذه الرواية مخالفة لجميع روايات الحديث فهى شاذة. روى أحمد (١/ ٢٢٤)، وابن أبي شيبة (٥/ ٣٤٨)، وابن ماجه (١٧٢٧) وغيرهم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله : «ما مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ﷿ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا =

<<  <   >  >>