للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإصطخري، وأبو عبيد بن حربويه من أصحابنا: إن الاعتبار بغالب قوته في نفسه؛ لقوله تعالى: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩].

ولأنه مخاطب بفرض نفسه، فوجب أن يكون اعتباره بقوت نفسه.

• القول الثاني: وهو قول أبي العباس بن سريج، وأبي إسحاق المروزي: إن الاعتبار بغالب قوت بلده؛ لأن رسول الله خاطب أهل المدينة جميعًا بغالب أقواتهم. ولأن في اعتبار غالب قوت البلد توسعة ورفقًا، وفي اعتبار كل واحد مشقة وضيق، وما أدى إلى التوسعة والرفق في المواساة أَوْلى.

قلت (محمد): وهذا هو الراجح، وأما من استدل بالآية فالآية في كفارة اليمين، وأما الحديث الوارد في زكاة الفطر فهو خاص، والرسول حدد فيه أصنافًا على الغني والفقير والصغير والكبير، وهي من غالب قوت أهل البلد، ولكن ينبغي للغني أن يكثر من الصدقات مع زكاة الفطر، ولا يكتفي بها وحدها، والله أعلم.

• المبحث الثاني عشر: وهل يجوز إخراج زكاة الفطر نقودًا؟ (١)

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

• القول الأول: ذهب مالك والشافعي وأحمد إلى أنه لا يجوز إخراج زكاة الفطر من النقود (٢).

واستدلوا لذلك بالقرآن والسنة والمعقول:

أما دليلهم من القرآن: فعموم قوله تعالى: ﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ فهذا أمر، والأمر يقتضي


(١) هناك رسالة بعنوان: «هل تجزئ القيمة في الزكاة؟» لفضيلة الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم، وهي نافعة ومفيدة في هذا الباب وقد أفدت منها كثيرًا. فاللهَ أسأل أن يسعده بجنته، وأن يشمله برحمته، وأن يكرمه بمغفرته، وأن ينفع به وبعلمه الإسلام والمسلمين وأن يبارك له في أهله وذريته أجمعين، وأن يجمعني وإياه مع سيد الأنبياء والمرسلين في جنات النعيم.
(٢) قال النووي «المجموع» (٥/ ٤٢٨): مذهبنا أنه لا يجوز إخراج القيمة في شيء من الزكوات، وبه قال مالك وأحمد وداود.

<<  <   >  >>