للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له من النار في الآخرة.

وفي «الصحيحين» (١) عن عبد الله بن مسعود قال: كنا مع النبي فقال: «مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لم يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» (٢).

أي أن الصوم قامع لشهوة النكاح وعدم الوقوع في الزنا. وهذا يدل على أن الصوم يُضعف شهوات النفس التي تدخل النار.

٦ - باب الريان للصائمين يوم القيامة: ففي «الصحيحين» (٣) عن سهل بن سعد الساعدى عن النبي قال: «إنَّ في الْجَنَّةِ بَابًا يُقال لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلم يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ».

قال ابن حجر (٤): الرَّيَّان بَاب مِنْ أَبْوَاب الْجَنَّة يَخْتَصّ بِدُخُولِ الصَّائِمِينَ مِنْهُ، وَهُوَ مِمَّا وَقَعَت المنَاسَبَة فِيهِ بَيْن لَفْظه وَمَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَقّ مِنْ الرِّيّ وَهُوَ مُنَاسِب لِحَالِ


(١) أخرجه البخاري (١٩٠٥)، ومسلم (١٤٠٠).
(٢) قال ابن حجر «فتح الباري» (٤/ ١٤٢): قَوْلُهُ (فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ): بِكَسْرِ الْوَاوِ وَبِجِيمٍ وَمَدٍّ، وَهُوَ رَضّ الْخُصْيَتَيْنِ، وَقِيلَ: رَضّ عُرُوقِهِمَا، وَمَنْ يُفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ تَنْقَطِعُ شَهْوَته، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الصَّوْمَ قَامِع لِشَهْوَة النِّكَاح. وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الصَّوْمَ يَزِيدُ فِي تَهْيِيجِ الْحَرَارَةِ وَذَلِكَ مِمَّا يُثِيرُ الشَّهْوَةَ، لَكِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَقَعُ فِي مَبْدَأِ الْأَمْرِ فَإِذَا تَمَادَى عَلَيْهِ وَاعْتَادَهُ سَكَن ذَلِكَ، وَاللَّه أَعْلم.
(٣) أخرجه البخاري (١٨٩٦)، ومسلم (١١٥٢). وفي «الصحيحين» عن أبى هريرة أن رسول الله قال: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ؛ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ». فَقال أَبُو بَكْرٍ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ».
والمراد بالزوجين: إنفاق شيئين من أي صنف من أصناف المال من نوع واحد.
(٤) «فتح الباري» (٤/ ١٣٤).

<<  <   >  >>