للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن رشد (١): وَأَجْمَعُوا أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا تَوْقِيتَ في الْقِرَاءَةِ في الْعِيدَيْنِ، وَأَكْثَرُهُمُ اسْتَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ في الْأَوْلَى بِسَبِّحِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْغَاشِيَةِ، لِتَوَاتُرِ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ .

روى مسلم (٢) من حديث النعمان بن بشير قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَقْرَأُ في الْعِيدَيْنِ وَفِى الْجُمُعَةِ بِ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾ وَ ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ قَالَ: وَإِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ في يوم وَاحِدٍ يَقْرَأُ بِهِمَا أيضًا في الصَّلَاتَيْنِ.

وروى مسلم (٣) أيضًا من حديث أبي واقد قال: سَأَلَنِى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَمَّا قَرَأَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ في يوم الْعِيدِ فَقُلْتُ بِ ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾ وَ ﴿ق وَالْقُرْآنِ المجِيدِ﴾.

الحاصل: أنه يشرع في صلاة العيد قراءة الفاتحة وما تيسر من القرآن في كل ركعة بالإجماع، ويستحب أن يقرأ بعد الفاتحة في العيدين في الركعة الأولى بسبح اسم ربك الأعلى، وفي الركعة الثانية بالغاشية لثبوت ذلك عن النبي ، ويقرأ أحيانًا ب ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾ و ﴿ق وَالْقُرْآنِ المجِيدِ﴾؛ لثبوت ذلك أيضًا (٤).

• المبحث الثامن: الحكمة في القراءة في العيدين بالسور المذكورة:

قال الشوكاني (٥): ووجه الحكمة في القراءة في العيدين بالسور المذكورة أن في سورة سبح الحث على الصلاة وزكاة الفطر، على ما قال سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز في تفسير قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ١٤ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ [الأعلى: ١٥]


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٢٧).
(٢) أخرجه مسلم (٨٧٨).
(٣) أخرجه مسلم (٨٩١).
(٤) قال السرخسي في «المبسوط»: وَأَيُّ سُورَةٍ قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ جَازَ، وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِيهَا ﴿سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى﴾ وَ ﴿هَلْ أَتَاك حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ فَإِنْ تَبَرَّكَ بِالِاقْتِدَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ فِي قِرَاءَةِ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فَحَسَنٌ، وَلَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ حَتْمًا فِي صَلَاةٍ لَا يَقْرَأُ فِيهَا غَيْرَهُ، فَرُبَّمَا يَظُنُّ ظَانٌّ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ تِلْكَ الصَّلَاةُ إلَّا بِقِرَاءَةِ تِلْكَ السُّورَةِ، فَكَانَ هُوَ مُدْخِلًا فِي الدِّينِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَقَالَ : «مَنْ أَدْخَلَ فِي دِينِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ».
(٥) «شرح مسلم» للنووي.

<<  <   >  >>