للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المبحث الخامس عشر: وهل يجوز تأخير صدقة الفطر بعد صلاة العيد؟

ذهب الجمهور إلى أن إخراجها قبل صلاة العيد إنما هو مستحب فقط، وجزموا بأنها تجزئ إلى آخر يوم الفطر (١).

وقال ابن حزم: وَوَقْتُ زَكَاةِ الْفِطْرِ إثْرَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي من يَوْمِ الْفِطْرِ مُمْتَد إلَى أَنْ تَبْيَضَّ الشَّمْسُ وَتَحِلَّ الصَّلَاةُ من ذلك الْيَوْمِ.

• القول الأول: قال ابن قدامة (٢): المسْتَحَبُّ إخْرَاجُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ. في حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ». فَإِنْ أَخَّرَهَا عَنْ الصَّلَاةِ تَرَكَ الْأَفْضَلَ؛ لما ذَكَرْنَا مِنْ السُّنَّةِ، وَلِأَنَّ المقْصُودَ مِنْهَا الْإِغْنَاءُ عَنْ الطَّوَافِ وَالطَّلَبِ في هَذَا الْيَوْمِ، فَمَتَى أَخَّرَهَا لم يَحْصُلْ إغْنَاؤُهُمْ في جَمِيعِهِ، لَا سِيَّمَا في وَقْتِ الصَّلَاةِ. وَمَالَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ عَطَاءٌ، وَمَالِكٌ، وَمُوسَى بْنُ وَرْدَانَ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.

وَقَالَ الْقَاضِي: إذَا أَخْرَجَهَا في بَقِيَّةِ الْيَوْمِ لم يَكُنْ فَعَلَ مَكْرُوهًا؛ لِحُصُولِ الْغَنَاء بِهَا في الْيَوْمِ.

قَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ أَنَّ نُخْرِجَ … وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ: فَكَانَ يُؤْمَرُ أَنْ يُخْرِجَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِذَا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ قَسَمَهُ بَيْنَهُمْ، وَقَالَ: أَغْنَوْهُمْ عَنْ الطَّلَبِ في هَذَا الْيَوْمِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ الْخَبَرِ وَالمعْنَى مَا يَقْتَضِي الْكَرَاهَة.

حجة الجمهور: روى البخاري ومسلم (٣): عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كُنَّا نُخْرِجُ في عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ.


(١) «نيل الأوطار» (٤/ ٢١٨).
(٢) «المغني» (٤/ ٢٩٧، ٢٩٨).
(٣) البخاري (١٥١٠)، ومسلم (٩٨٥).

<<  <   >  >>