للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المبحث الثالث: حكم الاعتكاف:

قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن الاعتكاف سنة، لا يجب على الناس فرضًا، إلا أن يوجبه المرء على نفسه نذرًا فيجب عليه (١).

وفي الصحيحين عن عائشة : أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ (٢).

وفي هذا الحديث دليل على سنية الاعتكاف للرجال والنساء.

• المبحث الرابع: فضل الاعتكاف:

مما لا شك فيه أن للاعتكاف أجرًا عظيمًا وثوابًا جزيلًا، ولعظمه عهد الله إلى إبراهيم وإسماعيل بتطهير المسجد الحرام للطائفين والعاكفين والركع السجود، فقال : ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾.

ولفضل الاعتكاف كانت مريم تعتكف في المسجد الأقصى، قال تعالى: ﴿فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا﴾ وقال تعالى: ﴿كُلما دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا المحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا﴾.

قال شيخ الإسلام (٣): ولأن مريم قد أخبر الله سبحانه أنها جعلت محررة له، وكانت مقيمة في المسجد الأقصى في المحراب، وأنها انتبذت من أهلها مكانًا شرقيًا فاتخذت من دونهم حجابًا، وهذا اعتكاف في المسجد واحتجاب فيه، ا-هـ ولأن الاعتكاف معلوم في الشرائع القديمة، فقد كان أهل الجاهلية يعتكفون، وقد


(١) «الإجماع» (ص ٥٣) وقد نقل الإجماع غير واحد من أهل العلم كالنووي وابن قدامة وابن حزم انظر: «المجموع» (٦/ ٤٠٧)، و «المغني» (٤/ ٤٥٦)، «مراتب الإجماع» (٤١) وغيره كثير.
(٢) البخاري (٢٠٢٦)، ومسلم (١١٧٢).
(٣) شرح العمدة (٢/ ٧٤٨).

<<  <   >  >>