للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرسول : «إِنَّ الله تَعَالَى تَجَاوَزَ عَنْ أَمَّتِي الْخَطَأَ وَالنَسْيَانَ وَمَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ». ولأنه لا نص في الفطر به ولا إجماع، فيبقى على الأصل وهو أشبه ما يكون بالاحتلام، والله أعلم.

المسألة الخامسة: الاحتلام لا يفطر بالإجماع:

قال النووي: أما إذا احتلم فلا يفطر بالإجماع؛ لأنه مغلوب، كمن طارت ذبابة فوقعت في جوفه بغير اختياره، فهذا هو المعتَمد في دليل المسألة.

• المطلب الثالث: إذا قبَّل أو باشر فأمذى ماذا عليه؟

اتفق الفقهاء على عدم وجوب الكفارة فيمن قبَّل أو باشر فأمذى، واختلفوا في وجوب القضاء على قولين:

• القول الأول: أن مَنْ قبَّل أو باشر فأمذى ليس عليه قضاء، وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، والحنابلة في روايةٍ اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية (١).

قال ابن قدامة (٢): إذا قبَّل فأمذى، قال أبو حنيفة والشافعي: لا يفطر. وروي ذلك عن الحسن والشعبي والأوزاعي، واستدلوا لذلك بأنه خارج لا يوجب الغسل، فأشبه البول. والأصل عدم وجوب القضاء بالمذي إلا بدليل ولا يوجد.

• القول الثانى: أن من قبَّل أو باشر فأمذى أنه يجب عليه القضاء، وهو قول المالكية، والحنابلة في الصحيح (٣)، قال ابن قدامة: أَنْ يُمْذِيَ فَيُفْطِرَ عِنْدَ إمَامِنَا وَمَالِكٍ.

واستدلوا لهذا القول بحديث عائشة قالت: «كَانَ النَّبِيُّ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ».

قال الزركشى (٤): فيه إشارةٌ إلى أن من لم يملك إربه يضره ذلك، سواء أمنى أو أمذى.

استدلوا بالقياس: فقاسوا المني على المذي، وذلك أن المذي خارج تخلَّله شهوة، خرج


(١) انظر «فتح القدير» (٢/ ٣٣١)، و «الأم» (٢/ ٩٨)، و «المجموع» (٦/ ٣٢٣)، و «اختيارات ابن تيمية» (ص ١٠٨).
(٢) «المغني» (٤/ ٣٦١).
(٣) انظر: «المدونة» (١/ ١٩٧)، و «التمهيد» (٥/ ١١٥)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٠١).
(٤) «شرح الزركشي» (٢/ ٥٨١).

<<  <   >  >>