للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة منه: أن الجنين يقع عليه اسم صغير.

واعترض عليه بأن الجنين غير الصغير، وإذا أُطلق الصغير فإنما يطلق على المولود.

أمادليلهم من المأثور: فعن بكر بن عبد الله المزني وقتادة: أن عثمان كان يعطي زكاة الفطر عن الصغير والكبير والحمل (١).

والراجح والله أعلم: هو ما ذهب إليه جمهور أهل العلم أنه لا تجب الزكاة على الجنين في بطن أمه، وإن أخرجها على وجه الاستحباب فَحَسَن.

قال ابن قدامة (٢): وَمَنْ أَخْرَجَ عَنِ الْجَنِينِ فَحَسَنٌ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ عَمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، فَكَانَتْ مُسْتَحَبَّةً كَسَائِرِ صَدَقَاتِ التَّطَوُّعِ.

• المبحث الخامس: هل الدَّين يمنع الزكاة؟

إذا كان دينًا مؤجلًا لم يمنع الزكاة وإذا كان دينًا حالًّا يمنع الزكاة.

قال ابن قدامة: وَمَنْ كَانَ في يَدِهِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ، لَزِمَهُ أَنْ يُخْرِجَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُطَالَبًا بِالدَّيْنِ، فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الدَّيْنِ وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، إنَّمَا لم يَمْنَعِ الدَّيْنُ الْفِطْرَةَ؛ لِأَنَّهَا آكَدُ وُجُوبًا بِدَلِيلِ وُجُوبِهَا عَلَى الْفَقِيرِ، وَشُمُولِهَا لِكُلِّ مُسْلم قَدَرَ عَلَى إخْرَاجِهَا، وَوُجُوبِ تَحَمُّلِهَا عَمَّنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا تَتَعَلَّقُ بِقَدْرٍ مِنْ المالِ فَجَرَتْ مَجْرَى النَّفَقَةِ، وَلِأَنَّ زَكَاةَ المالِ تَجِبُ بِالملْكِ، وَالدَّيْنُ يُؤَثِّرُ في الملْكِ، فَأَثَّرَ فِيهَا، وَهَذِهِ تَجِبُ عَلَى الْبَدَنِ، وَالدَّيْنُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ، وَتَسْقُطُ الْفِطْرَةُ عِنْدَ المطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ


(١) ضعيف: أخرجه ابن حزم «المحلى» (٦/ ١٣٢) قال: روينا من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا أبي ثنا المعتمر بن سليمان التيمي عن حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني وقتادة.
وبكر بن عبد الله المزني، قال أبو حاتم: روايته عن أبي ذر مرسلة. قال ابن معين: لم يسمع بكر من المغيرة. وبكر بن عبد الله المزني مات سنة (١٠٦ هـ)، ومات عثمان سنة (٣٥ هـ) فلا يظن أنه أدركه، والله أعلم.
ومن طريق عبد الرزاق عن مالك عن رجل عن سليمان بن يسار أنه سئل عن الحمل: أيزكى عنه؟ قال: نعم.
(٢) «المغني» (٤/ ٣١٦).

<<  <   >  >>