للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دلت الآية على إباحة الجماع للصائم في ليالى الصوم حتى يتبيَّن الفجر، وأنه محرم عليه في النهار.

وأما الأدلة من السنة فكثيرة، منها: ما رواه البخاري ومسلم (١) عن أبى هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه هَلَكْتُ!! قَالَ: «مَا لَكَ؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ!! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟» قال: لَا. فَقال: «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟» قال: لَا. قال: فَمَكَثَ النَّبِيُّ ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ - وَالْعَرَقُ: الْمِكْتَلُ - قال: «أَيْنَ السَّائِلُ؟» فَقال: أَنَا. قَالَ: «خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ». فَقال الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ الله؟ فَوَالله مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا - يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ - أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي!! فَضَحِكَ النَّبِيُّ حَتى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ: «أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ».

قال البغوى (٢): ذهب عامة أهل العلم إلى أن عليه الكفارة إذا أفسد صومه بالجماع، على ما ورد في الحديث.

• المطلب الثاني: إنزال المنى بغير الجماع: وفيه مسائل:

• المسألة الأولى: حكم من قَبل امرأته في نهار رمضان فأنزل أو استمنى بيده.

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوالٍ:

الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أن من قبَّل امرأته في نهار رمضان أو استمنى بيده فأنزل، أنه عليه القضاء، وبه قال الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة (٣).

واستدلوا لذلك بما ورد في «الصحيحين» (٤) عن أبى هريرة أن رسول الله قال:


(١) أخرجه البخاري (١٩٣٦) ومسلم (١١١١).
(٢) «شرح السنة» (٦/ ٢٨٤).
(٣) «فتح القدير» (٤/ ٣٦١)، «المدونة» (١/ ١٧٥)، «الحاوي» (٣/ ٢٩٧)، و «المغني» (٤/ ٣٦١) ولكن قال مالك: عليك مع القضاء والكفارة.
(٤) «) أخرجه البخاري (١٨٩٤)، ومسلم (١١٥١)، (١٦٤).

<<  <   >  >>