للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فله أن يصومه، دلت على ذلك سنة النبي .

ففي «الصحيحين» (١): عن أبى هريرة عَنِ النَّبِيِّ قال: «لا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يوم أَوْ يومين إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ».

وجه الدلالة منه: قال النووي (٢): فِيهِ التَّصْرِيح بِالنَّهْيِ عَنْ اِسْتِقْبَال رَمَضَان بِصَوْمِ يوم وَيومين لمنْ لم يُصَادِف عَادَة لَهُ أَوْ يَصِلهُ بِمَا قَبْله، فَإِنْ لم يَصِلهُ وَلَا صَادَفَ عَادَة فَهُوَ حَرَام، هَذَا هُوَ الصحيح في مَذْهَبنَا؛ لِهَذَا الْحَدِيث.

قال الحافظ ابن حجر (٣): قَالَ الْعُلماء: مَعْنَى الْحَدِيثِ لَا تَسْتَقْبِلُوا رَمَضَان بِصِيَامٍ عَلَى نِيَّةِ الِاحْتِيَاطِ لِرَمَضَان.

قال الترمذي (٤): وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلم، كَرِهُوا أَنْ يَتَعَجَّلَ الرَّجُلُ قَبْلَ دُخُولِ شَهْرِ رَمَضَانَ لمعْنَى رَمَضَانَ، وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يَصُومُ صَوْمًا فَوَافَقَ صِيَامُهُ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَهُمْ.

• المبحث الرابع: هل يجوز إفراد يوم الجمعة بالصوم؟

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

• القول الأول: ذهب جمهور العلماء، ومنهم الشافعي وأحمد، إلى كراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا أن يوافق عادة له، كرجل يصوم يومًا ويفطر يومًا، فوافق صيامه يوم الجمعة، وإن صام يومًا قبله أو يومًا بعده، جاز له ذلك (٥).


(١) أخرجه البخاري (١٩١٤)، ومسلم (١٠٨٢).
(٢) «شرح مسلم» (٣/ ١٥٨).
(٣) «فتح الباري» (٤/ ١٥٣).
(٤) «السنن» (٣/ ٦٠).
(٥) «شرح مسلم» (٣/ ٢١٠)، و «المغني» (٤/ ٤٢٧)، قال ابن قدامة: فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ. قَالَ: قِيلَ
لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: صِيَامُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ؟ فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّهْيِ أَنْ يُفْرَدَ، ثُمَّ قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صِيَامٍ كَانَ يَصُومُهُ، وَأَمَّا أَنْ يُفْرَدَ فَلَا.

<<  <   >  >>