للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا لذلك بما ورد في «الصحيحين» (١) عن أبى هريرة قال: قال رسول الله : «لَا يَصُمْ أَحَدُكُمْ يوم الْجُمُعَةِ إِلاَّ أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ أَوْ يَصُومَ بَعْدَهُ».

وروى البخاري (٢) عن جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، ، أَنَّ النَّبِيَّ دَخَلَ عَلَيْهَا يوم الْجُمُعَةِ وَهْيَ صَائِمَةٌ فَقال «أَصُمْتِ أَمْسِ؟» قَالَتْ: لَا. قال: «تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟» قَالَتْ: لَا. قال: «فَأَفْطِرِي»

وفي «الصحيحين» (٣) عن عبد الله بن عباد بن جعفر قال: سألت جابر بن عبد الله ﴿وهو يطوف بالبيت: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ صِيَامِ يوم الْجُمُعَةِ؟ فَقال: نَعَمْ وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ.

وجه الدلالة من هذه الأحاديث: قال النووي (٤): وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث الدَّلَالَة الظَّاهِرَة لِقَوْلِ جُمْهُور أصحاب الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِمْ، وَأَنَّهُ يُكْرَه إِفْرَاد يوم الْجُمُعَة بِالصَّوْمِ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ عَادَةً لَهُ، فَإِنْ وَصَلَهُ بِيوم قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ وَافَقَ عَادَةً لَهُ بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يوم شِفَاءِ مَرِيضِهِ أَبَدًا، فَوَافَقَ يوم الْجُمُعَة، لم يُكْرَهْ؛ لِهَذِهِ الْأَحَادِيث.

• القول الثانى: أن صيام يوم الجمعة جائز إفراده بالصيام ولا يكره، وهو قول أبى حنيفة ومالك (٥).

واستدلوا لذلك بالسنة والمأثور:

أما دليلهم من السنة: فعن عبد الله بن مسعود قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ غُرَّةِ كُلِّ شَهْرٍ، وَقَلما يُفْطِرُ يوم الْجُمُعَةِ.

وجه الدلالة منه: قوله: «وَقَلما يُفْطِرُ يوم الْجُمُعَةِ». فدل ذلك على جواز إفراد يوم الجمعة بالصيام.


(١) أخرجه البخاري (١٩٨٥)، ومسلم (١١٤٤).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٨٦).
(٣) أخرجه البخاري (١٩٨٤)، ومسلم (١١٤٣).
(٤) «شرح مسلم» (٣/ ٢١٠).
(٥) «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٣٣٦)، و «الموطأ» (١/ ٣٣٠).

<<  <   >  >>