للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن قدامة (١): وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ، سَقَطَتْ الْكَفَّارَةُ عَنْهُ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ لَمَّا دَفَعَ إلَيْهِ النَّبِيُّ التَّمْرَ، وَأَخْبَرَهُ بِحَاجَتِهِ إلَيْهِ، قَالَ: «أَطْعِمْهُ أَهْلَك» وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِكَفَّارَةٍ أُخْرَى.

• المبحث الثامن: هل الكفارة مرتبة ككفارة الظهار أم على التخيير؟

وأعني بالترتيب أن لا ينتقل المكلف إلى واحد من الواجبات المخيرة إلا بعد العجز عن الذي قبله، وأعني بالتخيير أن يفعل منها ما شاء ابتداء من غير عجز عن الآخر.

• اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

• القول الأول: قول جمهور العلماء: أن كفارة الوطء في رمضان ككفارة الظهار في الترتيب، يلزمه العتق إن أمكنه، فإن عجز عنه انتقل إلى الصيام، فإن عجز انتقل إلى الإطعام، وبه قال أبو حنيفة والشافعي ورواية عن أحمد (٢).

واستدلوا لذلك بما روى مسلم (٣) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ في رَمَضَانَ فَاسْتَفْتَى رَسُولَ الله عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً؟». قَالَ: لَا. قَالَ: «وَهَلْ تَسْتَطِيعُ صِيَامَ شَهْرَيْنِ؟». قَالَ: لَا. قَالَ: «فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا». ظاهر الحديث أنها على الترتيب، أي: عتق رقبة، فإن لم يمكنه فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا، إذ سأله النبي على الاستطاعة مرتبًا.

• القول الآخر: ذهب مالك، وأحمد في رواية إلى أن الكفارة على التخيير بين العتق والصيام والإطعام، وبأيهما كفَّر أجزأه أن يفعل ما يشاء ابتداءً من غير عجز عن الآخر (٤).


(١) «المغني» (٤/ ٣٨٥).
(٢) «المغني» (٤/ ٣٨٠)، و «بداية المجتهد» (١/ ٣٠٤).
(٣) هذا اللفظ لمسلم (٨٢) (١١١١).
(٤) «بداية المجتهد» (١/ ٣٠٤)، و «المغني» (٤/ ٣٨٠).

<<  <   >  >>