للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَامَّةٍ، وَقَدْ وَقَعَتِ الْإِشَارَة فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس إِلَى نَحْو هَذَا الْعُمُوم حَيْثُ قِيلَ فِي آخِرِهِ: «فَدَيْنُ الله أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى».

قال الشوكاني: إنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ صُورَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، يَعْنِي أَنَّهُ مِنَ التَّنْصِيصِ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ، فَلَا يَصْلُحُ لِتَخْصِيصِهِ وَلَا لِتَقْيِيدِهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ (١).

والراجح أن قوله : «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» ليس هذا الأمر للوجوب عند الجمهور.

وبالغ إمام الحرمين ومن تبعه، فادعوا الإجماع على ذلك، وفيه نظر؛ لأن بعض أهل الظاهر أوجبه (٢)، فلعله لم يعتد بخلافهم على قاعدته، قلت: والصارف عن الوجوب قوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾، وعموم قوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾.

الْمُرَاد بِقَوْلِهِ: (وَلِيُّهُ) قِيلَ: كُلّ قَرِيب، وَقِيلَ: الْوَارِث خَاصَّة، وَقِيلَ: عَصَبَتُهُ.

وَالْأَوَّل أَرْجَح وَالثَّانِي قَرِيب (٣).

• المبحث الخامس: هل يجب التتابع في قضاء رمضان؟

ذهب جمهور العلماء إلى أن من أفطر أيامًا أنه يستحب أن يقضيها متتابعة، ويجوز تفريقها.

وهو قول ابن عباس وأبي هريرة (٤) وأنس (٥) وعروة بن الزبير (٦) وأبي حنيفة ومالك


(١) «نيل الأوطار» (٤/ ٢٨٠)، وانظر «فتح الباري» (٤/ ٢٢٨).
(٢) قال ابن حزم في «المحلى» (٧/ ٢): (وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ فَرْضٍ من قَضَاءِ رَمَضَانَ أو نَذْرٍ أو كفارة وَاجِبَةٍ، فَفَرْضٌ على أَوْلِيَائِهِ أَنْ يَصُومُوهُ عَنْهُ هُمْ أو بَعْضُهُمْ، وَلَا إطْعَامَ في ذلك أَصْلاً، أَوْصَى بِهِ أو لم يُوصِ بِهِ).
(٣) «فتح الباري» (٤/ ٢٢٨).
(٤) روى ابن أبي شيبة (٣/ ٣٢) بسند صحيح عن ابن عباس وأبي هريرة قالا: (لَا بَأْسَ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ مُتَفَرِّقًا).
(٥) روى ابن أبي شيبة (٣/ ٣٢) بسند صحيح عن أنس قال: (إِنْ شئت فَاقْضِ رَمَضَانَ مُتَتَابِعًا، وَإِنْ شئت مُتَفَرِّقًا).
(٦) روى ابن أبي شيبة (٣/ ٣٤) بسند صحيح عن عروة بن الزبير قال: (يُواتِر قَضَاء رَمَضَانَ).

<<  <   >  >>