للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشوكاني (١): استدل القائلون بأنه فرض كفاية بالقياس على صلاة الجنازة بجامع التكبير.

قال الماوردي (٢): فَذَهَبَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ إِلَى أَنَّهُمَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ؛ لأنها مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ، فَاقْتَضَى أَنْ تَكُونَ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ كَالْجِهَادِ، فَعَلَى هَذَا لَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى تَرْكِهَا قَاتَلَهُمُ الْإِمَامُ حَتَّى يُقِيمَهَا مَنْ يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِإِقَامَتِهِ.

والراجح، والله أعلم: ما ذهب إليه جمهور العلماء، أي أن صلاة العيدين سنة مؤكدة.

قال ابن المنذر: في خَبَر طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الَّذِي فِيهِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ فَقال رسول اللهِ : «خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليوم وَاللَّيْلَةِ» قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ» عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ تَطَوُّعٌ غَيْرُ مَفْرُوضٍ، وَأَنَّ مَنْ تَرَكَهُ غَيْرُ آثَمٍ.

• المبحث الرابع: هل يجب قتال بلد تركت صلاة العيدين؟

أولًا: من قالوا بأن صلاة العيدين فرض، قالوا: يقاتَلون.

ثانيًا: قال العظيم آبادي (٣): فَإِنْ قُلْنَا: فَرْضُ كِفَايَة، فَامْتَنَعَ أَهْلُ مَوْضِعِ مِنْ إقَامَتُهَا قُوتِلُوا عليها كَسَائِرِ فُرُوض الْكِفَايَةِ.

ثالثًا: من قال: إنَّ صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ سُنَّة مُؤَكَّدَة، هل يُقَاتِلَ أَهْلُ بَلَد عَلَى تَرَكَهَا؟ اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلَيْنِ:

القول الأول: لا يقاتلون؛ لأنه تطوع، فلا يقاتلون على تركها كسائر التطوع، ولأن القتل عقوبة لا تتوجه إلى تارك مندوب فلا إثم ولا قتال على تركها.

القول الآخر: يقاتلون؛ لأنها من شعائر الإسلام، وفِي تركها تهاون بالشرع، بخلاف سائر التطوع؛ لأنها تُفعل فرادى فلا يظهر تركها كما يظهر في صلاة العيد (٤)، وهذا هو الراجح، والله أعلم.


(١) «نيل الأوطار» (٣/ ٣٦٨).
(٢) «الحاوي» (٣/ ١٠٤).
(٣) «عون المعبود» (٣/ ٤٨٤).
(٤) انظر: «المهذب» (٥/ ٢) و «المغني» (٣/ ٢٥٤) و «الحاوي» (٣/ ١٠٤).

<<  <   >  >>