للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأجاب: لا بأس بتذوق الطعام للحاجة، بأن يجعله على طرف لسانه ليعرف حلاوته، وملوحته وضدها، لكن لا يبتلع منه شيئًا بل يمجه أو يُخرجه من فيه، ولا يفسد بذلك صومه على المختار، والله أعلم.

المبحث السادس: العِلْك (١)

قال ابن قدامة (٢): الْعِلْكُ ضَرْبَانِ

أَحَدُهُمَا: مَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ أَجْزَاءٌ، وَهُوَ الرَّدِيءُ الَّذِي إذَا مَضَغَهُ يَتَحَلَّلُ، فَلَا يَجُوزُ مَضْغُهُ، إلَّا أَنْ لَا يَبْلَعَ رِيقَهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَنَزَلَ إلَى حَلْقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، أَفْطَرَ بِهِ، كَمَا لَوْ تَعَمَّدَ أَكْلَهُ.

وَالثَّانِي: الْعِلْكُ الْقَوِيُّ الَّذِي كُلَّمَا مَضَغَهُ صَلُبَ وَقَوِيَ، فَهَذَا يُكْرَهُ مَضْغُهُ وَلَا يَحْرُمُ، وَمِمَّنْ كَرِهَهُ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَقَتَادَةُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأصحاب الرَّأْيِ؛ وَذَلِكَ؛ لأنه يَحْلُبُ الْفَمَ، وَيَجْمَعُ الرِّيقَ، وَيُورِثُ الْعَطَشَ. وَرَخَّصَتْ عَائِشَةُ فِي مَضْغِهِ (٣). وَبِهِ قال عَطَاءٌ (٤)؛ لأنه لَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ، فَهُوَ كَالْحَصَاةِ يَضَعُهَا فِي فِيهِ، وَمَتَى مَضَغَهُ وَلَمْ يَجِدْ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ، لَمْ يُفْطِرْ.

قال السرخسي (٥): «وَيُكْرَهُ لِلصَّائِمِ مَضْغُ الْعِلْكِ وَلَا يُفْطِرُهُ؛ لِأَنَّ مَضْغَ الْعِلْكِ يَدْبُغُ


(١) (العِلْك): ضرب من صمغ الشجر كاللبان يُمضغ فلا يذوب. (ج) علوك وأعلاك، واحدته علكة. المعجم الوسيط.
(٢) «المغني» (٤/ ٣٥٨).
(٣) عن مجاهد قال: كانت عائشة لا ترى بأسًا في مضغ العلك للصائم. ولكن في إسناده ليث بن أبي سليم وهو ضعيف. أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ٣٧). وورد أثر عن أم حبيبة «أنها كرهت مضغ العلك للصائم»، أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ٣٨)، ولكن في سنده رجل مجهول.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ٣٨) بإسناد صحيح عن عطاء أَنَّهُ كَرِهَهُ، وَقَالَ: «هُوَ مَرْوَاةٌ».
(٥) «المبسوط» (٣/ ١٠٠).

<<  <   >  >>