(٢) «شرح مسلم» (٧/ ٤٩)، و «بداية المجتهد» (١/ ١٧٨). قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن صدقة الفطر فرض. قال ابن حجر «فتح الباري» (٤/ ٤٣٠): فَقَدْ نَقَلَ اِبْنُ المنْذِرِ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ، لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَقُولُونَ بِالْوُجُوبِ دُونَ الْفَرْضِ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِي التَّفْرِقَةِ. وَفِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ مَعَ ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عُلَيَّةَ وَأَبَا بَكْرِ بْنَ كَيْسَانَ الْأَصَمَّ قَالَا: إِنَّ وُجُوبَهَا نُسِخَ.وَاسْتُدِلَّ لَهُمَا بِمَا رَوَى النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ، فَلما نَزَلَتِ الزَّكَاةُ لم يَأْمُرْنَا وَلم يَنْهَنَا وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ»وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ رَاوِيًا مَجْهُولًا، وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى النَّسْخِ لِاحْتِمَالِ الِاكْتِفَاءِ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ نُزُولَ فَرْضٍ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ فَرْضٍ آخَرَ.قال ابن حزم «المحلى» (٦/ ١٣٧): وَذَكَرُوا خَبَرًا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ … » الحديث.وَهَذَا الْخَبَرُ حُجَّةٌ لَنَا عَلَيْهِمْ لأَنَّ فِيهِ أَمْرَ رَسُولُ اللَّه ﷺ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ، فَصَارَ أَمْرًا مُفْتَرَضًا ثُمَّ لم يَنْهَ عَنْهُ، فَبَقِيَ فَرْضًا كَمَا كَانَ.قلت: وقد توسعت في هذا البحث في كتابي «الجامع لأحكام الزكاة (ص ٥٦٤ - ٥٦٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute