للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإكراه والجهل معفو عنهم بكتاب الله، وسنة رسول الله .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (١): قَدْ ثَبَتَ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ مَنْ فَعَلَ مَحْظُورًا مُخْطِئًا أَوْ نَاسِيًا - لَمْ يُؤَاخِذْهُ الله بِذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَفْعَلْهُ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ إثْمٌ، وَمَنْ لَا إثْمَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا وَلَا مُرْتَكِبًا لِمَا نُهِيَ عَنْهُ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ قَدْ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ مَا نُهِيَ عَنْهُ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُبْطِلُ عِبَادَتَهُ إنَّمَا يُبْطِلُ الْعِبَادَاتِ إذَا لَمْ يَفْعَلْ مَا أُمِرَ بِهِ أَوْ فَعَلَ مَا حُظِرَ عَلَيْهِ.

وأما الأحاديث الواردة في الكفارة في الجماع، فإنما هي في جماع العمد؛ ولهذا قال في بعضها: «هلكت»، وفي بعضها: «احترقت» وهذا لا يكون إلا في عامد، فإن الناسي لا إثم عليه بالإجماع (٢).

• المبحث الرابع: ماذا عليه إن جامع في يوم واحد مرتين؟

أجمعوا على أن من وطئ مرارًا في يوم واحد، أنه ليس عليه إلا كفارة واحدة (٣).

• المبحث الخامس: من جامع ثم كَفَّر ثم جامع ماذا عليه؟

أجمعوا على أن من وطئ في يوم رمضان، ثم كَفَّر، ثم وطئ في يوم آخر أن عليه كفارة أخرى (٤).

• المبحث السادس: إذا جامع في يومين، أو في أيام، هل يجب لكل يوم كفارة، أو يجب عليه كفارة واحدة؟

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين (٥):


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٥/ ٢٢٦).
(٢) انظر: «المغني» (٤/ ٣٧٧).
(٣) «بداية المجتهد» (١/ ٣٠٦)، وقد نقل الإجماع ابن قدامة «المغني» (٦/ ٣٨٥).
(٤) «بداية المجتهد» (١/ ٣٠٦)، وقد نقل الإجماع ابن قدامة «المغني» (٦/ ٣٨٦).
(٥) قال ابن رشد: وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: تَشْبِيهُ الْكَفَّارَاتِ بِالْحُدُودِ: فَمَنْ شَبَّهَهَا بِالْحُدُودِ قَالَ: كَفَارَّةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُ فِي ذَلِكَ عَنْ أَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ، كَمَا يَلْزَمُ الزَّانِيَ جَلْدٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ زَنَى أَلْفَ مَرَّةٍ إِذَا لَمْ يُحَدَّ لِوَاحِدَةٍ مِنْهَا. وَمَنْ لَمْ يُشَبِّهْهَا بِالْحُدُودِ جَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَيَّامِ حُكْمًا مُنْفَرِدًا بِنَفْسِهِ فِي هَتْكِ الصَّوْمِ فِيهِ أَوْجَبَ فِي كُلِّ يوم كَفَّارَةً، قَالُوا: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكَفَّارَةَ فِيهَا نَوْعٌ مِنَ الْقُرْبَةِ، وَالْحُدُودُ زَجْرٌ مَحْضٌ.

<<  <   >  >>