للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَلْقِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا إسْرَافٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَبِهِ قال الْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَلَنَا أَنَّهُ وَصَلَ إلَى حَلْقِهِ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا قَصْدٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ طَارَتْ ذُبَابَةٌ إلَى حَلْقِهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ المتَعَمِّدَ.

قال النووي (١): قال الحسن البصرى، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور: لا يبطل مطلقًا.

• القول الآخر: قال مالك، وَأَبُو حَنِيفَةَ: يُفْطِرُ؛ لأنه أَوْصَلَ الماءَ إلَى جَوْفِهِ ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ، فَأَفْطَرَ، كَمَا لَوْ تَعَمَّدَ شُرْبَهُ (٢).

قال النووي: قال ببطلان الصوم مطلقًا مالك وأبو حنيفة والمزنى، قال الماوردي: هو قول أكثر الفقهاء (٣).

والراجح والله أعلم: أن من تمضمض أو استنشق وهو صائم، فسبق الماء إلى حلقه، من غير قصد، فأنه لا شيء عليه؛ لأنه غير عامد.

• المطلب الثالث: إذا بالغ في المضمضة والاستنشاق فوصل شيء من الماء إلى حلقه ماذا عليه؟

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

ذهب جمهور العلماء إلى أنه يفطر بذلك، وبه قال الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عن الحنابلة (٤). وذهب الحنابلة في رواية إلى أنه لا يفطر بذلك (٥).

قال ابن قدامة : فَأَمَّا إنَّ أَسْرَفَ فَزَادَ عَلَى الثَّلَاثِ، أَوْ بَالَغَ فِي الِاسْتِنْشَاقِ، فَقَدْ فَعَلَ مَكْرُوهًا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ لِلَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ: «وَبَالِغْ في الاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا»،


(١) «المجموع» (٦/ ٣٢٧).
(٢) «المغني» (٤/ ٣٥٦).
(٣) «المجموع» (٦/ ٣٢٧).
(٤) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٤٥)، «مواهب الجليل» (٣/ ٣٥٠)، «تحفة المحتاج» (١/ ٥١٢)، «الإنصاف» (٧/ ٤٣٤)، والمالكية عندهم إذا تمضمض فوصل الماء إلى حلقه يفطر، سواء بالغ أم لا.
(٥) «كشاف القناع» (٣/ ٩٨١)، «شرح المنتهى» (٢/ ٣٦٥).

<<  <   >  >>