للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المطلب الثاني: وقت الغسل للعيدين:

اتفق العلماء على أن غسل العيدين يجزئ بعد الفجر، واختلفوا هل يجزئ قبل الفجر؟ (١)

والذين قالوا: (لا يجزئ قبل الفجر) قاسوه على صلاة الجمعة.

واعْتُرِضَ عليه: بأن هذا قياسٌ مع الفارق لأن وقت العيد أضيق من وقت الجمعة، ولأنه مأمور بالبكور بعد الغسل، وَلَا يُمْكِنُ الْبُكُورُ غَالِبًا عَلَى هَذِهِ الْحَالِ إِلَّا بِتَقَدُّمِ الْغُسْلِ قَبْلَ الْفَجْرِ (٢)، وإذا كان المقصود من الغسل هو التنظيف فقد حصل قبل الفجر فجاز الغسل من الليل.

قال الزركشي (٣): أن وقت الغسل بعد الفجر، وهو قول القاضي وغيره وظاهر الحديث، إذ اليوم إنما يدخل بذلك، وجوزه ابن عقيل بعد نصف ليلته، نظرًا إلى أن المقصود التنظيف وهو حاصل بذلك، ولأنه وقت ضيق، فلو تقيد الاغتسال بالفجر لفات غالبًا، بخلاف الجمعة فإن وقتها متسع.

قال ابْنُ عَقِيلٍ: المنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّ زَمَنَ الْعِيدِ أَضْيَقُ مِنْ وَقْتِ الْجُمُعَةِ، فَلَوْ وُقِفَ عَلَى الْفَجْرِ رُبَّمَا فَاتَ، وَلِأَنَّ المقْصُودَ مِنْهُ التَّنْظِيفُ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْغُسْلِ في اللَّيْلِ لِقُرْبِهِ مِنَ الصَّلَاةِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَجْرِ؛ لِيَخْرُجَ مِنَ الْخِلَافِ، وَيَكُونَ أَبْلَغَ في النَّظَافَةِ؛ لِقُرْبِهِ مِنَ الصَّلَاةِ (٤).

• المبحث الثاني: استحباب الزينة والتطيب للعيدين:

في «الصحيحين» من حديث ابْنِ عُمَرَ (٥) قَالَ: أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ في السُّوقِ


(١) «روضة الطالبين» (١/ ٥٨٣).
(٢) «الحاوي» (٣/ ١٠٦).
(٣) «شرح الزركشي علي الخرقي» (٢/ ٢١٥).
(٤) «المغني» (٣/ ٢٥٨).
(٥) أخرجه البخاري (٩٤٨)، ومسلم (٢٠٦٨)، وقد ورد في الباب أحاديث أخر، ولكنها لا تخلو
من مقال: الأول: حديث جابر: كان رسول الله يلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة، والثاني: حديث ابن عباس: «أن النبي كان يلبس بردة حبرة في كل عيد». والثالث: حديث الحسن بن علي: قال أمرنا رسول الله أن نلبس أجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد، وأن نضحي بأسمن ما نجد البقرة عن السبعة، والجزور عن عشر، وأن نظهر التكبير، وعلينا السكينة والوقار». وكل هذه الأحاديث ضعيفة ولا تخلو من مقال. انظر «جامع أحكام العيدين».

<<  <   >  >>