للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فوافق يومًا من هذه الأيام.

قال ابن قدامة (١): وَقال أصحابنا: وَيُكْرَهُ إفْرَادُ يوم النَّيْرُوزِ وَيوم المهْرَجَانِ بِالصَّوْمِ؛ لأنهمَا يومًانِ يُعَظِّمُهُمَا الْكُفَّارُ، فَيَكُونُ تَخْصِيصُهُمَا بِالصِّيَامِ دُونَ غَيْرِهِمَا مُوَافَقَةً لَهُمْ في تَعْظِيمِهِمَا، فَكُرِهَ كَيوم السَّبْتِ. وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا كُلُّ عِيدٍ لِلْكُفَّارِ، أَوْ يوم يُفْرِدُونَهُ بِالتَّعْظِيمِ.

• المبحث الثامن: التطوع بعد النصف من شعبان:

ذهب جمهور العلماء إلى جواز التطوع بعد النصف من شعبان.

واستدلوا لذلك بأحاديث كثيرة، منها: عن أبى سلمة: سأل عائشة عن صيام رسول الله فقالت: «كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلًا» (٢).

وعن أبى هريرة عن النبي قال «لا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يوم أَوْ يومين، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ» (٣).

فدل ذلك على أن الصوم جائز بعد النصف من شعبان، أما المنهى عنه فهو تخصيص يوم الثلاثين من شعبان بالصوم أو الذى قبله.

قال شيخ الإسلام: أما حديث: «لا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يوم أَوْ يومين» فإن مفهوم هذا الحديث يجوز التقدم بالثلاثة.

وذهب بعض الشافعية إلى أنه لا يجوز الصوم بعد النصف من شعبان.

واستدلوا لذلك بما رواه العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبى هريرة أن رسول الله قال: «إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا» (٤).


(١) «المغني» (٤/ ٤٢٨).
(٢) صحيح: سبق تخريجه.
(٣) صحيح: سبق تخريجه.
(٤) منكر: أخرجه أحمد (٢/ ٤٤٢)، وأبو داود (٢٣٣٧)، والنسائي في «الكبرى» (٢٩١١)، =
والترمذي (٧٣٨)، وابن ماجه (١٦٥١) وغيرهم. من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة به. قلت: وفى إسناده العلاء بن عبد الرحمن، وقد ضعفه غير واحد من أهل العلم، كابن معين، وأبي زرعة، وإن كان وثقه بعض أهل العلم، كالنسائي، وابن عدي، ووثقه أحمد، ولكن أنكر عليه هذا الحديث. قال أبو حاتم: صالح روى عنه الثقات، ولكنه أُنكر من حديثه أشياء. قال الخليلى: مدنى مختلف فيه؛ لأنه ينفرد بأحاديث لا يتابع عليها، كحديث: «إذا كان النصف من شعبان فلا تصوموا».
وتابع العلاء بن عبد الرحمن محمد بن المنكدر، أخرجه ابن الأعرابي في معجمه (١١٩٨)، وابن عدي في «الكامل» (١/ ٢٢٤)، وفى إسناده إبراهيم بن أبي يحيى، متروك الحديث. قلت: وقد تضافرت أقوال أهل العلم على إعلال هذا الحديث: قال أبو داود: وقال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر. انظر: البيهقي في «السنن الكبرى» (٤/ ٢٠٩). وقال يحيى بن معين: إنه منكر. انظر «فتح الباري» (٤/ ١٥٣). وقال البرذعى في سؤالاته (٢/ ٣٨٨): شهدت أبا زرعة ينكر حديث العلاء بن عبد الرحمن «إذا انتصف شعبان» وزعم أنه منكر. قال أبو داود عقب إخراجه: وكان عبد الرحمن لا يحدث به، قلت لأحمد: لم؟ قال: لأنه كان عنده أن النبي كان يصل شعبان برمضان، وقال عن النبي خلافه، وكذلك أعله أبو بكر الأثرم، والخليلى، وابن عدي، والبيهقي، وابن الجوزى، والذهبى، وغيرهم كثير. انظر: «السنن الكبرى» للبيهقى (٤/ ٢٠٩)، و «الموضوعات» لابن الجوزى (١/ ٣٣)، و «سير أعلام النبلاء» (٦/ ١٨٧)، و «الكامل» (٢/ ٤٤).

<<  <   >  >>