للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في ثيابه.

أما بالأثر: فإن النبي كان يعتكف، ومع ذلك يلبس أحسن الثياب.

وأما بالنظر: فإن توسخ ثياب المعتكف ليس من أثر اعتكافه، ولكن من طول بقائها عليه، ولهذا لو لبس ثوبًا نظيفًا ليلة العيد أو في آخر يوم من رمضان ما أثر، ولا يصح قياسه على دم الشهيد؛ لأن الشهيد يأتي يوم القيامة وجرحه يثعب دمًا.

والراجح: أنه يستحب الزينة والطيب، وتنظيف الجسد بالاغتسال وحلق العانة ونتف الإبط، وقلم الأظافر وقطع الرائحة الكريهة، والسواك، ويلبس أحسن ما يجد من الثياب، والإمام أحق بذلك لأنه المنظور إليه من بينهم، والنبي كان يعتكف، وكان يلبس أجمل الثياب للعيدين، لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وقول عمر (تجمل بها للعيد) يدل على ذلك.

• المبحث الثالث: الأكل قبل وبعد الخروج للعيدين:

وفيه مطلبان:

• المطلب الأول: استحباب الأكل يوم الفطر قبل الخروج إلى المصلى.

قال ابن رشد (١): وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْطِرَ في عِيدِ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ إِلَى المصَلَّى.

قلت: والأفضل أن يكون من تمر.

ودلت على ذلك السنة: روى البخاري (٢) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ لَا يَغْدُو يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ».

ووردت زيادة من طريق أنس: وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا (٣). وهذه الزيادة لا تصح عن رسول الله .


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٢٢١). قَالَ اِبْنُ قُدَامَةَ: لَا نَعْلم فِي اِسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الْأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ اِخْتِلَافًا. كما في «الفتح» (٢/ ٥١٨).
(٢) أخرجه البخاري (٩٥٣).
(٣) أخرجها ابن خزيمة (١٤٢٩)، والدارقطني (٢/ ٤٥)، والبيهقي (٣/ ٢٨٢) وفي إسناده مرجي، وفيه ضعف، وقد خالف الثقات، وتابعه عتبة بن حميد، وأخرجه الحاكم (١/ ٢٩٤)، وابن حبان (٤/ ٢٨) وغيرهما. وعتبة بن حميد فيه ضعف. وروى أحمد (٣/ ٢٣٢) بعد ذكر الحديث: وَكَانَ أَنَسٌ يَأْكُلُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ ثَلَاثًا. وهذا له علتان: الأولى: أنه موقوف. والثانية: في إسناده علي بن عاصم وهو ضعيف. وفي الباب أحاديث أعرضت عنها لأن في أسانيدها مقالًا، والله أعلم.

<<  <   >  >>