للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا محوطة بسياجه فليست منه، والله أعلم (١).

• المطلب الرابع: هل تعتكف المرأة في مسجد بيتها؟

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها، وأن الاعتكاف للرجال والنساء لابد أن يكون في المسجد، وبه قال مالك (٢)، وأحمد (٣)؛ لعموم قوله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ في المسَاجِدِ﴾ والمراد بالمساجد: المواضع التي بنيت للصلاة فيها، ويجتمع إليها الناس.

وفي «الصحيحين» من حديث عائشة: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَعْتَكِفُ في كُلِّ رَمَضَانٍ، وَإِذَا صَلَّى الغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ، فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ أَنْ تَعْتَكِفَ، فَأَذِنَ لَهَا، فَضَرَبَتْ فِيهِ قُبَّةً، فَسَمِعَتْ بِهَا حَفْصَةُ، فَضَرَبَتْ قُبَّةً، وَسَمِعَتْ زَيْنَبُ بِهَا، فَضَرَبَتْ قُبَّةً أُخْرَى، فَلما انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ مِنَ الغَدَاةِ أَبْصَرَ أَرْبَعَ قِبَابٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، فَأُخْبِرَ خَبَرَهُنَّ، فَقَالَ: «مَا حَمَلَهُنَّ عَلَى هَذَا؟ آلْبِرُّ؟ انْزِعُوهَا فَلَا أَرَاهَا»، فَنُزِعَتْ، فَلم يَعْتَكِفْ في رمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ في آخِرِ العَشْرِ مِنْ شَوَّالٍ» (٤).

فأذن النبي لأزواجه بالاعتكاف في المسجد، ولو كان الاعتكاف في البيت جائزًا لنبههن عليه رسول الله .


(١) انظر: «أحكام الاعتكاف» (ص ١٣٤) للشيخ خالد المشيقح.
(٢) قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (١٠/ ٢٧٥): وَقَالَ مَالِكٌ: تَعْتَكِفُ المرْأَةُ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ.
وَلَا يُعْجِبُهُ اعْتِكَافُهَا فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا.
(٣) قال النووي في «شرح مسلم» (٧/ ٢٤٨): قال الإمام أحمد: لا يصح اعتكاف المرأة إلا في المسجد. «المجموع» (٦/ ٤٨٤)، و «مغني المحتاج» (١/ ٤٥١).
(٤) البخاري (٢٠٤١)، ومسلم (١١٧٣).

<<  <   >  >>