للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما رحبة المسجد: أي ساحته، فهل تدخل في مسمى المسجد؟

اختلف أهل العلم في دخول ساحة المسجد في مسمى المسجد وخروج المعتكف إليها على ثلاثة أقوال:

القول الأول: إن كانت الرحبة محوطة متصلة بالمسجد فهي منه، وإن كانت غير متصلة به ولا محوطة بسياجه، فليست منه.

قال النووي (١): المرَادُ بِالرَّحْبَةِ مَا كَانَ مُضَافًا إلَى المسْجِدِ مُحَجَّرًا عَلَيْهِ وهو مِنَ المسْجِدِ، نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى صحةِ الِاعْتِكَافِ في الرَّحْبَةِ.

القول الثاني: أن الرحبة ليست من المسجد، فلا يصح الاعتكاف فيها.

واستدلوا بما روت عائشة قالت: كُنَّ المعْتَكِفَاتُ إذَا حِضْنَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِإِخْرَاجِهِنَّ مِنْ المسْجِدِ، وَأَنْ يَضْرِبْنَ الْأَخْبِيَةَ في رَحْبَةِ المسْجِدِ، حَتَّى يَطْهُرْنَ (٢).

وجه الدلالة: أن الحائض إذا كان لا يجوز لها الاعتكاف في المسجد، وقد أمر رسول الله بإخراجهن من المسجد وأن يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يطهرن، فعُلم أن الرحبة ليست من المسجد.

قلت: هذا الحديث لم أقف عليه في كتب السنن المسندة، وإنما ذُكر في كتب الفقه ثم إن رحبة المسجد ليست محوطة.

القول الثالث: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَبِيتُ المعْتَكِفُ إلَّا في المسْجِدِ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ خِبَاؤُهُ في رَحَبَةٍ مِنْ رِحَابِ المسْجِدِ (٣).

والراجح: إن كانت الرحبة محوطة متصلة بالمسجد؛ فهي منه، وإن كانت غير متصلة


(١) «المجموع» (٦/ ٥٠٧).
(٢) ذكره ابن قدامة في «المغني» (٤/ ٤٨٧)، وعزاه لأبي حفص العكبري، وابن مفلح في «الفروع» (٣/ ١٧٦) ولابن بطة وقال: إسناده جيد.
(٣) «المدونة مع المقدمات» (٢/ ٢٠٣)، و «الموطأ مع المنتقى» (٢/ ٧٩).

<<  <   >  >>