للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• القول الرابع: أن المسافر له أن يفطر ما دام مسافرًا ولم ينو إقامة مطلقة. وهذا قول شيخ الإسلام وابن القيم.

واستدلوا بعموم قوله تعالى ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ في الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾، وعموم قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾.

ولم يأت دليل عن النبي يحدد لنا المدة التي يصبح بها المسافر مقيمًا، بل الذي ورد عن النبي أنه كان يقيم في سفره أيامًا يصلي فيها ركعتين للحج أو فتح مكة، وقد تختلف هذه الأيام على حسب الحاجة.

وليس في هذا ما يدل على أن هذه المدة فرق بين المسافر والمقيم.

والراجح ما قاله شيخ الإسلام: وَإِذَا كَانَ التَّحْدِيدُ لَا أَصْلَ لَهُ فَمَا دَامَ المسَافِرُ مُسَافِرًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ. وقال: كُلُّ اسْمٍ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ في اللُّغَةِ وَلَا في الشَّرْعِ فَالمرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ فَمَا كَانَ سَفَرًا في عُرْفِ النَّاسِ فَهُوَ السَّفَرُ الَّذِي عَلَّقَ بِهِ الشَّارِعُ الْحُكْمَ (١).

• المطلب الثالث: هل الصوم أفضل في السفر أم الفطر؟

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوالٍ:

• القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أن الصوم أفضل في السفر من الفطر لمن قَوِيَ عليه، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي (٢).

واستدلوا لذلك بما ورد في «الصحيحين» (٣) عن أبي الدرداء قال: «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ في بَعْضِ أَسْفَارِه، في يوم حَارٍّ حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ النَّبِيِّ وَابْنِ رَوَاحَةَ».

وجه الدلالة: صوم النبي في يوم شديد الحر، فهذا دليل على فضل الصوم، ولو كان


(١) «الفتاوي» (٢٤/ ١٨، ٤٠، ١٣٨).
(٢) انظر: «فتح الباري» (٤/ ٢١٦)، «المبسوط» (٣/ ٩٢)، «المدونة» (١/ ٢٠١)، و «الحاوي الكبير» (٢/ ٣٦٨).
(٣) أخرجه البخاري (١٩٤٥)، ومسلم (١١٢٢).

<<  <   >  >>