للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلهما أن يفطرا ويطعما لكل يوم مسكينًا، فإن كانا عاجزين عن الإطعام، فلا شيء عليهما؛ لقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾.

وأما قول مالك: (لا فدية عليهما)؛ فلأن الله أوجب الفدية على المطيق للصوم بقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ وهو لا يطيق فلا تلزمه فديةٌ، وأيضًا: فإن هذه الآية منسوخة عند جمهور العلماء. وما ورد عن أنس بن مالك وغيره فعلى وجه الاستحباب، فهذا القول له وجهته، والله أعلم بالصواب.

• المبحث الخامس: هل يباح الفطر لأصحاب الأعمال الشاقة؟

هل يجوز لأصحاب الأعمال الشقة أن يفطروا في رمضان كالذين يعملون في مصانع الحديد والصلب ونحو ذلك من الأعمال الشاقة؟

الجواب: أفتى الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد، وعبد العزيز بن باز (١) فقالا:

الأصل وجوب صوم رمضان، وتبييت النية له من جميع المكلفين من المسلمين، وأن يصبحوا صائمين إلا من رخص لهم الشارع بأن يصبحوا مفطرين، وهم المرضى والمسافرون ومن في معناهم، وأصحاب الأعمال الشاقة داخلون في عموم المكلفين وليسوا في معنى المرضى والمسافرين، فيجب عليهم تبييت نية صوم رمضان وأن يصبحوا صائمين، ومن اضطر منهم للفطر أثناء النهار فيجوز له أن يفطر بما يدفع اضطراره ثم يمسك بقية يومه ويقضيه في الوقت المناسب، ومن لم تحصل لهم ضرورة وجب عليه الاستمرار في الصوم، هذا ما تقتضيه الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وما دل عليه كلام المحققين من أهل العلم من جميع المذاهب.

وعلى ولاة أمور المسلمين الذين يوجد عندهم أصحاب الأعمال الشاقة أن ينظروا في أمرهم إذا جاء رمضان فلا يكلفوهم من العمل إن أمكن ما يضطرهم إلى الفطر في نهار رمضان، بأن يجعل العمل ليلًا أو توزيع ساعات العمل في النهار بين العمال توزيعًا عادلًا يوفقون به بين العمل والصيام.


(١) فتاوى الصيام (ص ١٨٥، ١٨٦).

<<  <   >  >>