للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فوجب أن يُحمل المجمل على المفسر، وهى طريقة لا خلاف فيها بين الأصوليين، فإنهم ليس عندهم بين المجمل والمفسر تعارضٌ أصلًا (١)، أما فعل الصحابة من صوم يوم الثلاثين من شعبان فلأنهم رَأَوْا جواز صوم هذا اليوم احتياطًا.

• المبحث السادس: من رأى الهلال وحده ولم يعمل الناس برؤيته، هل يصوم أم لا؟

اختلف العلماء في هذه المسألة علي ثَلَاثَة أقوالٍ:

• القول الأول: أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ، وَأَنْ يُفْطِرَ سِرًّا، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، ورواية عن أَحْمَدَ (٢).

واستدلوا لذلك بعموم قوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾، فمن رآه فقد شهده فوجب عليه الصوم بنص الآية، وقول النبي : «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ».

وجه الدلالة: إن من رأى الهلال وحده فقد دخل ميقات الصوم، ودخل شهر رمضان في حقِّه، وتلك الليلة هي في نفس الأمر من رمضان، وإن لم يعلم غيره (٣).

• القول الثانى: ذهب أبو حنيفة، ومالك، وأحمد في رواية، إلى أنه إذا رأى هلال رمضان بمفرده يصوم، ولكن إذا رأى هلال شوال بمفرده لا يفطر (٤).

واستدلوا لهذا القول بالقياس على يوم النحر:

قال شيخ الإسلام (٥): وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا في الْفِطْرِ؛ فَالْأَكْثَرُونَ أَلْحَقُوهُ بِالنَّحْرِ، وَقَالُوا: لَا يُفْطِرُ إلَّا مَعَ المسْلمينَ. وقال: لَكِنَّ شَهْرَ النَّحْرِ مَا عَلمتُ أَنَّ أَحَدًا قال: مَنْ رَآهُ يَقِفُ


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٢٨٤).
(٢) «الحاوي» (٣/ ٢٧٤)، و «الفتاوى» (٢٥/ ١١٤).
(٣) قال ابن حزم «المحلى» (٦/ ٢٣٥): يَصُومُ إنْ رَآهُ وَحْدَهُ؛ لأنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿لَا تُكَلَّفُ إلاَّ نَفْسَكَ﴾، وَقال تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ فَمَنْ رَآهُ فَقَدْ شَهِدَهُ. وَقال رَسُولُ اللَّهِ : «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ».
(٤) قال شيخ الإسلام «الفتاوى» (٢٥/ ١١٤): يصُومُ (وحده) وَلَا يُفْطِرُ إلَّا مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ المشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَمَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ.
(٥) «الفتاوى» (٢٥/ ١١٦).

<<  <   >  >>