للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحافظة عليها أولاً، ولا ينبغى أبدًا أن يحافظ على الحديث الضعيف مع وجود الصحيح الوارد في نفس هذا الباب.

فعلى سبيل المثال: أذكار الصباح والمساء، فيها الصحيح والسقيم، فينبغى للمسلم أن يحافظ على الأذكار الصحيحة أولاً، خاصة أن بعض الناس قد لا يستطيع أن يكمل الأذكار، وقد يتأتى بجزء من الصحيح مع جزء من السقيم.

• المبحث الثالث: في السحور وما يتعلق به من أحكام، وفيه مطالب:

• المطلب الأول: في فضائل السحور:

١ - السحور بركة: ففي «الصحيحين» (١) عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً».

قال ابن حجر (٢): وَالْأَوْلَى أَنَّ الْبَرَكَةَ فِي السُّحُورِ تَحْصُلُ بِجِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَهِيَ اِتِّبَاعُ السُّنَّةِ، وَمُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَالتَّقَوِّي بِهِ عَلَى الْعِبَادَة، وَالزِّيَادَةُ فِي النَّشَاطِ، وَمُدَافَعَةُ سُوءِ الْخُلُقِ الَّذِي يُثِيرُهُ الْجُوعُ، وَالتَّسَبُّبُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ إِذْ ذَاكَ أَوْ يَجْتَمِعُ مَعَهُ عَلَى الْأَكْلِ، وَالتَّسَبُّبُ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَقْتَ مَظِنَّةِ الْإِجَابَةِ، وَتَدَارُكُ نِيَّةِ الصَّوْمِ لِمَنْ أَغْفَلَهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ.

قَالَ اِبْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: هَذِهِ الْبَرَكَةُ يَجُوزُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ، فَإِنَّ إِقَامَةَ السُّنَّةِ يُوجِبُ الْأَجْرَ وَزِيَادَتَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَقُوَّةِ الْبَدَنِ عَلَى الصَّوْمِ وَتَيْسِيرِهِ مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ بِالصَّائِمِ.

قَالَ: وَمِمَّا يُعَلَّلُ بِهِ اِسْتِحْبَابُ السُّحُورِ الْمُخَالَفَةُ لِأَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ عِنْدَهُمْ، وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلزِّيَادَةِ فِي الْأُجُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ.

وَقَالَ أَيْضًا: وَقَعَ لِلْمُتَصَوِّفَةِ فِي مَسْأَلَةِ السُّحُورِ كَلَامٌ مِنْ جِهَةِ اِعْتِبَارِ حُكْمِ الصَّوْمِ وَهِيَ


(١) أخرجه البخاري (١٩٢٣)، ومسلم (٤٥) (١٠٩٥).
(٢) «فتح الباري» (٤/ ١٦٦).

<<  <   >  >>