الضابط الثاني: الداخل من غير المنفذ الأصلى: أن يكون دخوله إلى الجسم من أي طريق كان، لكنه يسبب تغذية الجسم ويقوم مقام الطعام والشراب. ودليل ذلك حديث عَائِشَةَ قَالَتْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ الْوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ فَقَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي». فإنه لم يكن قصد النبي ﷺ أن الله تعالى يطعمه ويسقيه طعامًا وشرابًا حسيًّا وإلا لم يكن للوصال في الصوم خصوصية له. ففي ذلك إشارة إلى أن الشيء إذا كان يقوم مقام الطعام والشراب فإنه لا يُشعر المرء بالجوع والعطش، وهذا يدل على أنه يفسد الصوم. وعلى هذا فكل ما دخل إلى الجسم من غير مدخل الحلق وكان مغذيًا يقوم مقام الطعام والشراب في حال الاستمرار عليه، ويمكن للمرء أن يعيش به محافظًا على حياته، ومستغنيًا عن الأكل والشرب، فإنه يفطر، سواء كان عن طريق الدبر حيث تقوم الأمعاء الغليظة بالامتصاص، أو عن طريق فتحة ما، في أي جزء من الجسم أوصلت ما يمكن أن يتغذى به على وجه الاستمرار، فأما الحقن المغذية فإنها تفطر لأنها وإن كانت لا تدخل إلى الحلق إلا أنها تقوم مقام الأكل والشرب، وهذا واضح بين، إذ إن الحقن المغذية تعطى للمريض غير القادر على تناول المواد الغذائية، أو غير المسموح له بها لمرضه أو لخطرها عليه، وبإمكانه أن يعيش على الحقن المغذية لفترة طويلة لو اقتصر على تناولهما. وبمراجعة مكونات المحاليل المغذية فإننا نجد أن من مكوناتها السكر، ويوجد في كل لتر من السوائل (٥٠ جم) من السكر وهو ما يعادل ٢٠٠ سعرًا حراري، تعطى للمريض في فترة زمنية وجيزة. (١) «فقه النوازل» (٢/ ٣٠٠).