للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عِشْتُ: بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَبِأَنْ لَا أَنَامَ حَتَّى أُوتِرَ».

• المبحث الثالث: حكم الوتر:

ذهب جمهور العلماء إلى أن الوتر سنة، وإليه ذهب المالكية والشافعية والحنابلة، وأبو يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية (١).

قال ابن عبد البر (٢): وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْوِتْرَ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ إِجْمَاعًا؛ لِشُذُوذِ الْخِلَافِ فِيهِ. واستدلوا لذلك بأدلة كثيرة منها:

١ - ما رواه البخاري (٣) عن ابن عباس أن رسول الله بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلمهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يوم وَلَيْلَةٍ».

وجه الدلالة: ما قاله ابن عبد البر (٤): فِيهِ أَنَّ الصَّلَوَات المكْتُوبَات المفْتَرَضَات خَمْسُ لَا غَيْر، وَهَذَا مَحْفُوظٌ في غَيْرِ مَا حَدِيث.

٢ - وفي الصحيحين (٥) من حديث طلحة قال: جاء رجل يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله: «خَمسُ صَلْوات في اليوم والليلةِ» فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّع» قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ».

قال المارودي (٦): فكان في هذا الخبر ثلاثة أدلة:

أحدهما: أنه سأله عن الفرض الذي عليه فقال : «خَمْسُ صَلَوَاتٍ» لم يقل: ست.


(١) «الموطأ» لابن وهب (٣٣٨)، و «المجموع» للنووي (٤/ ١٢)، و «مسائل صالح» (١/ ٢٦٦)، و «المغني» (٢/ ٢٥٥)، و «بدائع الصنائع» (١/ ٢٧٠).
(٢) «الاستذكار» (٥/ ٢٦٧).
(٣) أخرجه البخاري (١٣٩٥).
(٤) «التمهيد» (١٠/ ١٥٨).
(٥) أخرجه البخاري (٤٦)، ومسلم (١/ ٤٠).
(٦) «الحاوي» (٢/ ٣٥٧).

<<  <   >  >>