للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ، فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لمنْ كَانَ ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَاجْعَلُوهُ في الْعِيَالِ». وليس في البخاري «فَاجْعَلُوهُ في الْعِيَالِ».

قال ابن حجر (١): «وَاسْتدلَّ بِقصَّة ابن عُمَرَ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْبَالِغِينَ وَإِنْ لم يَحْتَلم فَيُكَلَّفُ بِالْعِبَادَاتِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ».

اعترض ابن حزم (٢) على الاستدلال بهذا الحديث، بأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لم يَقُلْ إنِّي أَجَزْتهمَا من أَجْلِ أَنَّهُمَا ابْنَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فإن كان ذلك كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لأحد أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ ما لم يُخْبِرْ بِهِ عن نَفْسِهِ وقد يُمْكِنُ أَنْ يُجِيزَهُمَا يوم الْخَنْدَقِ لأنه كان يوم حِصَارٍ في المدِينَةِ نَفْسِهَا يَنْتَفِعُ فيه بِالصِّبْيَانِ في رَمْيِ الْحِجَارَةِ وَغَيْرِ ذلك ولم يُجِزْهُ يوم أُحُدٍ لأنه كان يوم قِتَالٍ بَعُدُوا فيه عن المدِينَةِ فَلَا يَحْضُرُهُ إلاَّ أَهْلُ الْقُوَّةِ وَالْجَلَدِ.

وأجيب بأن هذا فهم نافع وعمر خامس الخلفاء الراشدين وأمام التابعين

• العلامة الرابعة: نزول الحيض عند النساء:

قال ابن حجر (٣): وقد أجمع العلماء على أن الحيض بلوغ في حق النساء.

• المطلب الثاني: استحباب صوم الصبيان:

دل على ذلك ما ورد في «الصحيحين» عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: «أَرْسَلَ

النَّبِيُّ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الْأَنْصَارِ: «مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِه، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُم»، قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا وَنَجْعَلُ لَهُمْ اللُّعْبَةَ مِنْ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ» (٤).


(١) «فتح الباري» (٥/ ٣٢٩).
(٢) «المحلى» المسألة (١١٩).
(٣) «فتح الباري» (٥/ ٢٧٧).
(٤) أخرجه البخاري (١٩٦٠)، ومسلم (١١٣٦).

<<  <   >  >>