للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• القول الثالث: لَا تَجِبُ إلَّا عَلَى مَنْ صَامَ، قاله سَعِيد بْن المسَيِّبِ وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ.

واستدل لهذا القول بحديث ابن عباس ﴿: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلمسَاكِينِ.

وجه الدلالة منه: (طهرة للصائم) والصغير لا يجب عليه صيام فلا تجب عليه زكاة فطر.

واعترض عليه بما قاله ابن حجر (١): وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذِكْرَ التَّطْهِيرِ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ، كَمَا أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى مَنْ لم يُذْنِبْ كَمُتَحَقِّقِ الصَّلَاحِ، أَوْ مَنْ أَسْلم قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِلَحْظَةٍ.

والراجح: أنه لا يجب على المرء في أولاده الصغار زكاة الفطر إذا كان لهم مال، وهذا قول أبي حنيفة ومالك والشافعي، والله أعلم.

• المبحث الرابع: هل على الجنين زكاة فطر؟

قال ابن المنذر (٢): وأجمعوا على أن لا زكاة على الجنين في بطن أمه، وانفرد ابن حنبل فكان يحبه ولا يوجبه.

قلت: وهذا الإجماع منخرم؛ فقد ورد عن الإمام أحمد في رواية أن زكاة الفطر تجب على الجنين (٣).

قلت: وكذا ذهب ابن حزم إلى الوجوب (٤).

واستدلوا لذلك بالسنة والمأثور والمعقول:

أما دليلهم من السنة: فعن ابن عمر ﴿قال: «فرض رسول الله زكاة الفطر على الصغير والكبير … ».


(١) «فتح الباري» (٣/ ٤٣٢).
(٢) «الإجماع» (١١١).
(٣) «المغني» (٤/ ٣١٦) قال ابن قدامة: وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ آدَمِيٌّ، تَصِحُّ
الْوَصِيَّةُ لَهُ، وَبِهِ وَيَرِثُ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَيُقَاسُ عَلَى الموْلُودِ.
(٤) «المحلى» (٦/ ١٣٢) قال ابن حزم: وَأَمَّا الْحَمْلُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَوْجَبَهَا عَلَى كُلِّ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، وَالْجَنِينُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ صَغِيرٍ، فَإِذَا أَكْمَلَ مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ قَبْلَ انْصِدَاعِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ، وَجَبَ أَنْ تُؤَدَّى عَنْهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ.

<<  <   >  >>