للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعبد لا يملك نصابًا؛ لأنه هو وماله لسيده، فدل ذلك على أن صدقة الفطر تجب على مَنْ مَلَك قوت يوم وليلة ولو كان فقيرًا.

قال الشوكاني: الحق أن الزكاة تجب على مَنْ مَلَك قوت يوم وليلة؛ لِأَنَّ النُّصُوصَ أُطْلِقَتْ وَلم تَخُصَّ غَنِيًّا وَلَا فَقِيرًا، وَلَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ في تَعْيِينِ المقْدَارِ الَّذِي يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مُخْرِجُ الْفِطْرَةِ مَالِكًا لَهُ، لَا سِيَّمَا الْعِلَّةُ الَّتِي شُرِعَتْ لَهَا الْفِطْرَةُ مَوْجُودَةٌ في الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ، وَهِيَ التَّطْهِرَةُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَاعْتِبَارُ كَوْنِهِ وَاجِدًا لِقُوتِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ المقْصُودُ مِنْ شَرَعِ الْفِطْرَةِ إغْنَاءُ الْفُقَرَاءِ في ذَلِكَ الْيَوْمِ كَمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَقَالَ: «أَغْنُوهُمْ في هَذَا الْيَوْمِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ: «أَغْنُوهُمْ عَنْ طَوَافِ هَذَا الْيَوْمِ».

وقد أفتى المجمع الفقهي بأن زكاة الفطر واجبة على كل مسلم يملك قوت نفسه ومن تلزمه نفقته يوم العيد وليلته فاضلًا عن حوائجه الأصلية (١).

• المبحث الثامن: ما مقدار الصاع؟

قال الشوكاني (٢): قال في البحر: الصاع: أربعة أمداد إجماعًا.

قال النووي (٣): قال جماعة من العلماء: الصاع أربع حفنات بكَفَّيْ رجل معتدل الكفين.

قال الماوردي (٤): فأما مقدار الصاع المؤدى فهو أربعة أمداد بمُد النبي .

• المبحث التاسع: من أي الأصناف تُخرج زكاة الفطر؟

اختلف أهل العلم في الأصناف التي تخرج منها زكاة الفطر على أقوال (٥):


(١) انظر «فتاوى وتوصيات الندوة السادسة لقضايا الزكاة المنعقدة بالإمارات» (ص ٨٩٩، ٩٠٠).
(٢) «نيل الأوطار» (٤/ ٢١٩).
(٣) «روضة الطالبين» (٢/ ١٦٢).
(٤) «الحاوي» (٣/ ٤٥٦).
(٥) قال ابن رشد «بداية المجتهد» (١/ ٢٨١): وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمُ: اخْتِلَافُهُمْ فِي مَفْهُومِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مَنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مَنْ تَمْرٍ». فَمَنْ فَهِمَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ التَّخْيِيرَ، قَالَ: أَيًّا أَخْرَجَ مِنْ هَذَا أَجْزَأَ عَنْهُ. وَمَنْ فَهِمَ مِنْهُ أَنَّ اخْتِلَافَ المخْرَجِ لَيْسَ سَبَبُهُ الْإِبَاحَةَ، وَإِنَّمَا سَبَبُهُ اعْتِبَارُ قُوتِ المخْرِجِ أَوْ قُوتُ غَالِبِ الْبَلَدِ قَالَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي.

<<  <   >  >>