للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلمةَ قال: خَرَجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يوم النَّحْرِ فَلم يَرَهُمْ يُكَبِّرُونَ فَقال: مَا لَهُمْ لَا يُكَبِّرُونَ؟! أَمَا وَاللَّهِ فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ رَأَيْتُنَا في الْعَسْكَرِ مَا يُرَى طَرَفَاهُ، فَيُكَبِّرُ الرَّجُلُ فَيُكَبِّرُ الَّذِى يَلِيهِ، حَتَّى يَرْتَجَّ الْعَسْكَرُ تَكْبِيرًا، وَإِنَّ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ كَمَا بَيْنَ الأَرْضِ السُّفْلَى إِلَى السَّمَاءِ الْعُلْيَا (١).

الحاصل: أنه يستحب رفع الصوت بالتكبير، أما عن مشروعية التكبير الجماعي، فقول الشافعي يُشعر بجواز ذلك قال: فإذا رأوا هلال شوال أحببت أن يكبر الناس جماعة وفرادى. وأيضًا نُقل ذلك عن بعض المالكية، ويمكن أن يستدل لهذا بما ورد في «الصحيحين» من حديث أم عطية وفي رواية مسلم: «ويكبرون مع الناس».

فأثر عمر يدل على ذلك فكان يكبر فيسمعه أهل السوق فيكبرون حتى ترتج منى تكبيرًا، وكذا ورد عن ابن عمر وأبي هريرة وابن الزبير، وينبغي أن لا يصحب ذلك تلحين أو تطريب، وهذه الأدلة التي أوردناها وإن كانت ليست صريحة ولكن فهم لبعض علمائنا كالإمام الشافعي.

وفي هذا المقام ننصح إخواننا النبلاء الأماجد الذين يحرصون على السنة وجزاهم الله خيرًا على ذلك بألا يتسرعوا في التبديع، إلا إذا جمعوا الأدلة وسبقهم إلى ذلك الأئمة والعلماء، ولقد حذرَنا ربنا فقال: ﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلمونَ﴾ وإن كان من قال بعدم مشروعية التكبير الجماعي له وجهة قوية؛ لأن الأدلة غير صريحة، ولكن المسألة لا تصل إلى التبديع، والله أعلم.

• المبحث الخامس: التكبير المقيد بأدبار الصلوات في عيد الأضحى دون الفطر.

قال النووي (٢): وَأَمَّا التَّكْبِيرُ المقَيَّدُ فَيُشْرَعُ في عِيدِ الْأَضْحَى بِلَا خِلَافٍ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ.

قال ابن رشد (٣): وَاتَّفَقُوا أَيْضًا عَلَى التَّكْبِيرِ في أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ أَيَّامَ الْحَجِّ.


(١) إسناده حسن: أخرجه البيهقي (٣/ ٢٧٩) وفي إسناده جعفر بن عوف، صدوق.
(٢) «المجموع» (٥/ ٣٢).
(٣) «بداية المجتهد» (١/ ٢٢١).

<<  <   >  >>