للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والآخر مفصل، فيحمل المجمل على المفصل.

والراجح والله أعلم: أن من أفطر بالأكل والشرب متعمدًا أنه ليس عليه كفارة. وأن الكفارة إنما تلزم في الإفطار من الجماع فقط، وإنما عليه القضاء فقط.

• المبحث الثالث عشر: من جامع ظانًّا عدم طلوع الفجر أو غروب الشمس فبان خلافه:

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

• القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أن من جامع امرأته معتقدًا بَقاء الليل، ثم تبين أن الفجر قد طلع - أنه عليه القضاء، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في رواية.

واستدلوا بمعنى قوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾.

أما دليلهم من المأثور: فعن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: «أفطر الناس في شهر رمضان في يوم مغيم، ثم نظر ناظر فإذا الشمس. فقال عمر بن الخطاب: الخطب يسير وقد اجتهدنا، تقضي يومًا» (١).

أما دليلهم من المعقول: فلأنه مفرط؛ لأنه كان يمكنه أن يُمْسِك إلى أن يعلم، فلا يُعذر بالقضاء.

• القول الثانى: أن عليه القضاء والكفارة، وهو المشهور من مذهب أحمد.

واستدلوا لذلك بحديث أبى هريرة في الرجل الذى وقع على امرأته في نهار رمضان.

وجه الدلالة منه: أن النبي أمر المجامع بالتكفير من غير تفريق ولا تفصيل، ولأنه


(١) هذا الأثر فيه خلاف في سنده ومتنه، أخرجه عبد الرزاق (٧٣٩٣)، عن الثوري، عن جبلة بن سحيم، عن علي بن حنظلة، بلفظ قريب من هذا، وأخرجه عبد الرزاق (٧٣٩٤)، عن الثوري قال: حدثنى زياد بن علاقة، عن بشر بن قيس به.
وأخرجه عبد الرزاق (٧٣٩٥) قال: أخبرنا معمر، عن الأعمش، عن زيد بن وهب قال: «أفطر الناس في زمان عمر. قال: فرأيت عساسًا خرجت من بيت حفصة فشربوا في رمضان، ثم طلعت الشمس من سحاب، فكان ذلك شق على الناس، وقالوا: نقضي هذا اليوم، فقال عمر: ولمَ؟ فوالله ما تجنفنا لإثم. ورجح البيهقي الرواية التي فيها القضاء، واستنكر رواية ابن أسلم.

<<  <   >  >>