للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الباب الرابع الاعتكاف]

التمهيد: وفيه مباحث:

• المبحث الأول: معنى الاعتكاف:

قال ابن قدامة: الِاعْتِكَافُ في اللُّغَةِ: لُزُومُ الشَّيْءِ، وَحَبْسُ النَّفْسِ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ﴾ (١).

والاعتكاف في الشرعِ: لزوم المسجد بنية التقرب إلى الله، على صفة مخصوصة، من شخص مخصوص (٢).

• المبحث الثاني: حكمة الاعتكاف:

قال ابن القيم: لما كَانَ صَلَاحُ الْقَلْبِ وَاسْتِقَامَتُهُ عَلَى طَرِيقِ سَيْرِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى - مُتَوَقِّفًا عَلَى جَمْعِيِّتِهِ عَلَى اللَّهِ، وَلم شَعَثِهِ بِإِقْبَالِهِ بِالْكُلِّيَّةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ شَعَثَ الْقَلْبِ لَا يَلمهُ إِلَّا الْإِقْبَالُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَكَانَ فُضُولُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَفُضُولُ مُخَالَطَةِ الْأَنَامِ، وَفُضُولُ الْكَلَامِ، وَفُضُولُ المنَامِ، مِمَّا يَزِيدُهُ شَعَثًا، وَيُشَتِّتُهُ في كُلِّ وَادٍ، وَيَقْطَعُهُ عَنْ سَيْرِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ يُضْعِفُهُ أَوْ يَعُوقُهُ وَيُوقِفُهُ، اقْتَضَتْ رَحْمَةُ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ بِعِبَادِهِ أَنْ شَرَعَ لَهُمْ مِنَ الصَّوْمِ مَا يُذْهِبُ فُضُولَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَيَسْتَفْرِغُ مِنَ الْقَلْبِ أَخْلَاطَ


(١) «معجم مقاييس اللغة» (٤/ ١٠٨)، و «لسان العرب» (٩/ ٢٥٥) مادة (عكف).
(٢) انظر: «الإقناع» (٢/ ٢٤٧)، و «المغني» (٤/ ٤٥٥)، «مغني المحتاج» (١/ ٤٤٩)، «المحلى» (٥/ ١٧٩)، «فتح القدير» (٢/ ٣٩٠)، «الشرح الكبير» للدسوقي (١/ ٥٤١)، وهذه التعريفات بينها بعض التفاوت كاشتراط الصوم وغيره من الشروط.

<<  <   >  >>