للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال عبد الرزاق، عن الثوري: «إنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الكُحْلَ لِلْصاَئِمْ» (١).

والراجح: أن ما يدخل في العين لا يؤثر في الصوم ولو وجد طعمه في حلقه؛ لأن العين ليست منفذًا ظاهرًا من منافذ الجوف، مثلها مثل الأذن (٢).

قال شيخ الإسلام (٣): وَإِذَا كَانَتْ الْأَحْكَامُ الَّتِي تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَهَا الرَّسُولُ بَيَانًا عَامًّا، وَلَا بُدَّ أَنْ تَنْقُلَ الْأُمَّةُ ذَلِكَ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكُحْلَ وَنَحْوَهُ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى كَمَا تَعُمُّ بِالدُّهْنِ وَالِاغْتِسَالِ وَالْبَخُورِ وَالطِّيبِ، فَلَوْ كَانَ هَذَا مِمَّا يُفْطِرُ لَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ كَمَا بَيَّنَ الْإِفْطَارَ بِغَيْرِهِ فَلما لم يُبَيِّنْ ذَلِكَ عُلم أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الطِّيبِ وَالْبَخُورِ وَالدُّهْنِ، وَالْبَخُورُ قَدْ يَتَصَاعَدُ إلَى الْأَنْفِ وَيَدْخُلُ فِي الدِّمَاغِ وَيَنْعَقِدُ أَجْسَامًا، وَالدُّهْنُ يَشْرَبُهُ الْبَدَنُ وَيَدْخُلُ إلَى دَاخِلِهِ وَيَتَقَوَّى بِهِ الْإِنْسَانُ، وَكَذَلِكَ يَتَقَوَّى بِالطِّيبِ قُوَّةً جَيِّدَةً، فَلما لم يَنْهَ الصَّائِمَ عَنْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى جَوَازِ تَطْيِيبِهِ وَتَبْخِيرِهِ وَادِّهَانِهِ وَكَذَلِكَ اكْتِحَالُهُ.

وإلى ذلك ذهب المجمع الفقهي في دورته العاشرة (٤).

وعلى ذلك فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية (٥).

• المبحث الرابع: الداخل إلى الجسم عن طريق الحقن:

• وفيه: هل الحقنة (٦) تفطر الصائم؟

• ذهب جمهور العلماء إلى أن الحقنة تفطر الصائم (٧).


(١) عبد الرزاق «المصنف» (٧٥١٨).
(٢) «الفتاوى» (٢٥/ ٢٣٣).
(٣) «مجموع الفتاوى» (٢٥/ ٢٤٢).
(٤) «قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي» (ص ٢١٣).
(٥) «فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء» (١٠/ ٢٥٠) رقم (٧٣٥١).
(٦) قال ابن منظور: والحُقْنةُ هي: أَنْ يُعطَى المريضُ الدواءَ من أَسفلِه وهي معروفة عند الأَطِبّاء. «لسان العرب» (٢/ ٩٤٦).
(٧) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٤٩)، «المدونة» (١/ ٣٨٧)، «الحاوي» (٣/ ٣١٩)، «الإنصاف» (٤/ ٣٥٣)، «المغني» (٤/ ٣٥٣).

<<  <   >  >>